فقالوا بل نؤدى الخرج حتى |
|
تزل الراسيات من الضراب |
صدفنا عنهم لما اتقونا |
|
وأبنا حيث أبنا بالنهاب |
وبعث خالد بن الوليد عماله ومسالحه ، لجباية الخراج وحماية البلاد ، وأمر أمراءه على الثغور بالغارة والإلحاح ، فنزلوا على السيب فى عرض سلطانه ، وهناك كانت الثغور فى زمانه ، فمهدوا له ما وراء ذلك إلى شاطئ دجلة ، وليس لأهل فارس فيما بين الحيرة ودجلة أمر ، وليس لأحدهم ذمة إلا الذين كاتبوا خالدا واكتتبوا منه ، وسائر أهل السواد جلاء ومتحصنون ومحاربون ، وجنى الخراج إلى خالد فى خمسين ليلة ، وكان الذين ضمنوه رءوس الرساتيق رهنا فى يديه ، فأعطى ذلك كله المسلمين ، فقووا به على أمرهم.
وقال أبو مفزر الأسود بن قطبة فيما فتح بعد الحيرة :
ألا أبلغا عنا الخليفة أننا |
|
غلبنا على نصف السواد الأكاسرا |
غلبنا على ماء الفرات وأرضه |
|
عشية حزنا بالسيوف الأكابرا |
فدرت علينا جزية القوم بعد ما |
|
ضربناهم ضربا يقط البواترا |
ولما غلب خالد على أحد جانبى السواد ، دعا برجلين ، أحدهما حيرى والآخر نبطى ، وكتب معهما كتابين إلى أهل فارس ، أحدهما إلى الخاصة والآخر إلى العامة. وهذا أحدهما:
«بسم الله الرحمن الرحيم ، من خالد بن الوليد إلى ملوك فارس ، أما بعد ، فالحمد لله الذي حل نظامكم ، ووهن كيدكم ، وفرق كلمتكم ، ولو لم يفعل ذلك بكم لكان شرا لكم ، فادخلوا فى أمرنا ندعكم وأرضكم ، ونجزكم إلى غيركم ، وإلا كان ذلك على غلب وأنتم كارهون ، على أيدى قوم يحبون الموت كحبكم الحياة».
والكتاب الآخر :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس ، أما بعد ، فالحمد لله الذي فض حرمتكم ، وفرق كلمتكم ، وفل حدكم ، وكسر شوكتكم ، فأسلموا تسلموا ، وإلا فاعتقدوا منى الذمة ، وأدوا الجزية ، وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة».
ودعا خالد الرجل الحيرى فقال له : ما اسمك؟ قال : مرة. قال : خذ الكتاب ، لأحد الكتابين ، فأت به أهل فارس لعل الله يمر عليهم عيشهم ، أو يسلموا ، وينيبوا. وقال للنبطى : ما اسمك؟ قال : هزقيل. قال : خذ الكتاب ، اللهم ازهق نفوسهم.