سنة؟ إنما هذا رجل أحمق رآنى فى شبيبتى فظن أن الشباب يدوم. فدفعوها إلى خالد ، فدفعها خالد إليه ، فقالت : ما أربك إلى عجوز كما قد ترى؟ فأدنى قال : لا ، إلا على حكمى ، قالت : فلك حكمك مرسلا ، فقال : لست لأم شويل إن نقصتك من ألف درهم! فاستكثرت ذلك لتخدعه ، ثم أتته بها. فرجعت إلى أهلها ، فتسامع الناس بذلك ، فعنفوه ، فقال : ما كنت أرى أن عددا يزيد على ألف ، وخاصمهم إلى خالد ، وقال : كانت نيتى غاية العدد ، وقد ذكروا أن العدد يزيد على ألف ، فقال خالد : أردت أمرا وأراد الله غيره ، ونأخذ بما ظهر وندعك ونيتك ، كاذبا كنت أو صادقا.
ومما يروى من شعر ابن بقيلة :
أبعد المنذرين أرى سواما |
|
تروح بالخورنق والسدير |
وبعد فوارس النعمان أرعى |
|
قلوصا بين مرة والحفير |
فصرنا بعد ملك أبى قبيس |
|
كجرب المعز فى اليوم المطير |
تقسمنا القبائل من معد |
|
علانية كأيسار الجزور |
وكنا لا يرام لنا حريم |
|
فنحن كضرة الضرع الفجور |
نودى الخرج بعد خراج كسرى |
|
وخرج من قريظة والنضير |
كذاك الدهر دولته سجال |
|
فيوم فى مساءة أو سرور |
وقال القعقاع بن عمرو فى أيام الحيرة (١) :
سقى الله قتلى بالفرات مقيمة |
|
وأخرى بأثباج النجاف الكوانف |
فنحن وطئنا بالكواظم هرمزا |
|
وبالثنى قرنى قارن بالجوارف |
ويوم أحطنا بالقصور تتابعت |
|
على الحيرة الروحاء إحدى المصارف |
حططناهم منها وقد كاد عرشهم |
|
يميل به فعل الجبان المخالف |
مننا عليهم بالقبول وقد رأوا |
|
عيون المنايا حول تلك المحارف |
صبيحة قالوا نحن قوم تنزلوا |
|
إلى الريف من أرض العريب النفانف |
وقال أخوه عاصم بن عمرو فى ذلك :
صبحنا الحيرة الروحاء خيلا |
|
ورجلا فوق أثباج الركاب |
حصرنا فى نواحيها قصورا |
|
مشرفة كأضراس الكلاب |
فبادوا بالعريب ولم يحاموا |
|
فقلنا دونكم فعل العراب |
__________________
(١) انظر : الطبرى (٣ / ٣٦٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٦ / ٣٤٨).