موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق وخفته عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنه يا عمر إنما خفت موازين من خفت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الباطل ، وخفته عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه يوم القيامة إلا الباطل أن يكون خفيفا ، ألم تر أنه نزلت آية الرخاء مع آية الشدة ، وآية الشدة مع آية الرخاء ، ليكون المؤمن راغبا راهبا ، فلا يرغب رغبة يتمنى فيها على الله ما ليس له ، ولا يرهب رهبة يلقى فيها بيده إلى التهلكة ، ألم تر يا عمر أن الله ذكر أهل النار بسيئ أعمالهم ، لأنه رد عليهم ما كان لهم من حسن ، فإذا ذكرتهم قلت : إنى لأخشى أن أكون منهم.
وفى رواية : عوضا من هذا ، فيقول قائل : أنا خير منهم ، فيطمع ، وذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم ، لأنه تجاوز لهم عما كان من سيئ ، فإذا ذكرتهم قلت : إنى مقصر ، أين عملى من أعمالهم ، وفى رواية : عوضا من هذا ، فيقول قائل : من أين أدرك درجتهم ، ليجتهد ، فإن حفظت وصيتي يا عمر ، فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ، وهو نازل بك ، وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائب أكره لك من الموت ، ولست بمعجزه.
وعن أسماء بنت عميس قالت : لما أحس أبو بكر بنفسه أرسل إلى عمر ، فقال له : يا عمر إنى قد وليتك ما وليتك ، وقد صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورأيت عمله ، وأثرته أنفسكم على نفسه ، وأهلكم على أهله ، حتى إن كنا لنظل نهدى إليه من فضل ما يأتينا من قبله ، وصحبتنى ورأيتنى وإنما اتبعت أثر من كان قبلى ، والله ما نمت فحملت ، ولا شبهت فتوهمت ، وإنى لعلى السبيل ما زغت ، وإن أول ما أحذرك نفسك ، فإن لكل نفس شهوة ، فإذا أعطيتها شهوتها تمادت فيها ورغبت فى غيرها.
وفى حديث غير هذا : وخذ هذه اللقحة فإنها من إبل الصدقة ، احتبستها للرسل إذا قدموا يصيبوا من رسلها ، وخذ هذا البرد فإنى كنت أتجمل به للوفود ، وخذ هذا السقاء وهذه العلبة فإنها من متاع إبل الصدقة ، وعلىّ ثمانية آلاف درهم ، ويقال : قال : ستة آلاف أخذتها للرسل ، ولمن كان يغشانا ، فأدها من مالى.
فخرج عمر متأبطا البرد ، وقد حمل السقاء والعلبة ، يقود اللحقة ، يبكى ويقول : يرحم الله أبا بكر ، لقد أتعب من بعده.
ومات أبو بكر رحمهالله ، ودفن ليلا ، فلما أصبح عمر بعثت إليه عائشة بناضح وعبد حبشى كان يسقى لآل أبى بكر على ذلك الناضح ، وقطيفة. فقبض عمر ذلك ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : سبحان الله ، تسلب عيال أبى بكر ناضحا وعبدا أسود كان