قال تعالى : ( وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ).
ولا شكّ أنّه بمقتضى ظاهر الآية يراد بضمير فَأَنْساهُ : مظنون النجاة لا يوسف عليهالسلام ، وبالربّ في المقامين : الصاحب الخاصّ ، فلا ربط لها بالمدّعى.
وأمّا قوله تعالى : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ) (١) فليس المقصود به إنساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كيف؟! وقد قال تعالى : ( سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ) (٢).
هذا إذا أريد بالآية آية القرآن.
وأمّا إذا أريد بها سائر المعجزات ودلائل النبوّة ، فالمراد ـ والله أعلم ـ : إنّا إذا أعرضنا عن إحدى دلائل النبوّة أو أنسيناها جئنا بخير منها وأعظم دليلا على النبوّة ، وهذا بالضرورة إنّما يتعلّق بأمم الأنبياء.
وأمّا ما زعمه من مساواة الأنبياء للناس بالبشرية مستدلّا عليه بالكتاب العزيز ..
ففيه : إنّ المساواة بالبشرية لا تقتضي المساواة في كلّ شيء ، وإلّا لجاز أن تقع منهم كلّ المعاصي ، حتّى الكفر ، والخصم لا يقول به ، وليس زائدا على قدرهم منع الرذائل والنقائص عنهم ، كالسهو في العبادة وصدور المعاصي عنهم.
هذا ، وممّا يشهد بكذب نسبة السهو إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في العبادة أنّ
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٠٦.
(٢) سورة الأعلى ٨٧ : ٦.