وكيف يشكّ عاقل في أنّه نقص ، لا سيّما وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض ما رواه البخاري : « لم أنس ولم أقصّر » (١) ..
وفي رواية مسلم : « كذلك لم يكن » (٢)
فكان منه صلىاللهعليهوآلهوسلم على فرض الوقوع سهوا في سهو ، وكذبا في غلط ، فتضاعف النقص ، وهو لا يناسب منصب النبوّة والدعوة!
وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالى في ما زعمه الخصم من تشريع الكلام والحركة المتعلّقة بالصلاة.
وأمّا ما استدلّ به ممّا يدلّ على وقوع السهو من الأنبياء ، فلا ربط له بما نحن فيه من السهو في العبادة ، على أنّ قوله تعالى : ( وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٣) يمكن أن يكون من قبيل : مهما نسيت شيئا فلا تقعد مع زيد ناسيا ، فحذف من جزاء الآية لفظ ناسيا ، والمعنى ـ والله أعلم ـ : مهما نسيت شيئا فلا تنس عدم القعود معهم بعد ما ذكرت لك حرمته وبيّنتها لك.
ومثل هذا يقال لبيان أهمّية الجزاء بلا نظر إلى وقوع الطرفين أو جوازه ، فلا تكون الآية دليلا على وقوع النسيان من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى في غير الصلاة.
وأمّا قوله تعالى : ( فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ) (٤) فيعلم المراد منه بعد سماع الآية ..
__________________
(١) صحيح البخاري ٢ / ١٥١ ح ٢٥٣.
(٢) صحيح مسلم ٢ / ٨٧ وفيه : « كلّ ذلك » بدلا من « كذلك ».
(٣) سورة الأنعام ٦ : ٦٨.
(٤) سورة يوسف ١٢ : ٤٢.