صرفت عنهم وكبا (١) جدّهم (٢) ونبا (٣) حدّهم ، لم تبق لهم قوّة وهمّة على العدول إلى أمير المؤمنين ، لا سيّما مع صيرورتهم محلّ التهمة.
وأمّا الأوس ، فقد كان همّهم صرف الأمر عن الخزرج ، مع أنّ كثيرا منهم ومن الخزرج مبغضون لأمير المؤمنين عليهالسلام ، كأسيد بن حضير (٤) ، وبشير بن سعد (٥).
وفوق ذلك كلّه قد سمعت إعلام الله سبحانه انقلاب الأمّة على أعقابها (٦) ، وإخبار النبيّ بأنّهم يتّبعون سنن بني إسرائيل حذو النعل بالنعل (٧) ..
وبأنّهم يرتدّون على أدبارهم القهقرى ، ويصيرون إلى النار ،
__________________
(١) كبا كبوا وكبوّا : عثر وانكبّ على وجهه ؛ انظر : لسان العرب ١٢ / ٢٠ مادّة « كبا ».
(٢) الجدّ : البخت والحظوة والحظّ ؛ انظر : لسان العرب ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ مادّة « جدد ».
(٣) نبا حدّ السيف : إذا لم يقطع ، ونبا الشيء عنّي أي تجافى وتباعد ؛ انظر : لسان العرب ١٤ / ٢٩ ـ ٣٠ مادّة « نبا ».
والمعنى هنا أنّهم لم يعد لهم قوّة أو شوكة يطلبون بها الإمارة.
(٤) تقدّمت ترجمته في الصفحة ٢٤٢ ه ٣ من هذا الجزء.
(٥) تقدّمت ترجمته في الصفحة ٢٤٢ ه ٢ من هذا الجزء.
(٦) في قوله تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٧) انظر : المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ ٨ / ٦٣٦ ح ٢٧٩ ، الثقات ـ لابن حبّان ـ ٦ / ١٦١ ترجمة حميد بن زياد اليمامي ، تاريخ دمشق ١٣ / ٩٨ رقم ١٣٣٨ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٩ / ٢٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٠ ، كنز العمّال ١ / ١٨٣ ح ٩٢٨.
وتقدّمت بقيّة تخريجاته في ج ٣ / ٢٠٢ ه ١ ؛ فراجع!
وانظر الصفحتين ٢٦٨ و ٢٦٩ من هذا الجزء.