جاؤوا من كل حدب وصوب.
معنويات جيش الشرك :
وقد كان من الواضح : أن تفوق المشركين في العدد والعدة ، ثم ما كان من تحالفهم مع بني قريظة الذين كانوا في الجهة الأخرى للمدينة ،
أضف إلى ذلك : هذا الإجماع الحاصل من مختلف القبائل العربية ،
وكذلك بسبب الإعلام المسموم الذي أعقب حرب أحد ، وصوّر لأهل الشرك أنهم قد حققوا فيها نصرا كبيرا ،
وبسبب الحقد الذي يتغلغل في نفوس الكثيرين منهم على الإسلام والمسلمين ،
نعم .. إنه بسبب ذلك كله ، وسواه مما لم نذكره ، كان جيش الشرك يعيش في بدايات حصاره للمسلمين حالة من الانتعاش الروحي ، والشعور بالقوة والتفوق ، وبإمكانية تحقيق بعض ما كانوا يصبون إليه.
ولكن الأمر لم يدم على هذا الحال طويلا فقد تبخرت الآمال وحل محلها الشعور بالخيبة ، وتلاشت حالة الانتعاش ، لتخلفها حالة التململ والشعور بالضيق.
حتى إذا جاءت ضربة علي القاصمة لجيش الشرك ، تبدل كل شيء ليواجه هذا الجيش حالة من الرعب والخوف ، وتصبح تلك الكثرة في العدد وفي العدة عبئا ثقيلا ، ومصدر متاعب لذلك الجيش بالذات. فقد أصبحت العدة من أفراس ومن وسائل نقل ـ أبعرة ـ بسبب طول المدة ، وبسبب الجدب أمرا يحسن التخلص ، أو على الأقل يحسن التخفيف منه وتحجيمه.