وأما حديث البخاري
في بدء الوحي والدال على اقتران نزول القرآن بالنبوة فسيأتي أنه باطل لا يصح.
ثم
إنه يمكن تقريب كلام هذا المحقق بأن يقال : إن قوله تعالى : (أُنْزِلَ فِيهِ
الْقُرْآنُ) إنما هو حكاية عن أمر سابق ، ولا يشمل هذا الكلام الحاكي
له إلا بضرب من العناية والتجوز ، ولا الذي يأتي بعده ، وإلا لجاء التعبير بصيغة
المضارع ، أو الوصف فإنه يكون حينئذ هو الأوفق .
ولعل ابن شهر آشوب
كان ينظر إلى هذا حين قال في متشابهات القرآن :
«والصحيح : أن
القرآن في هذا الوضع لا يفيد العموم ، وإنما يفيد الجنس ، فأي شيء نزل فيه ؛ فقد طابق
الظاهر» .
هذا
.. ولكن ما قدمناه يوضح : أن الالتزام بهذا التوجيه ليس ضروريا ، ونعود فنذكر القارئ الكريم بأنه قد
ورد ما يؤيد نزول القرآن دفعة واحدة أولا ، ثم صار ينزل تدريجا بعد ذلك ؛ فقد روي
عن الإمام الصادق «عليه السلام» قوله : «يا مفضل ، إن القرآن نزل في ثلاث وعشرين
سنة ، والله يقول : (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ).
وقال : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ
مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ، فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ،
أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ).
__________________