واستدل القائلون : بأنه «صلى الله عليه وآله» قد بعث في شهر رمضان المبارك ، وليس في رجب بأن النبي «صلى الله عليه وآله» إنما بعث بالقرآن ، والقرآن قد أنزل في شهر رمضان ، قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(١) ، وقال : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)(٢).
ثم إن هنا إشكالا آخر لا بد من الإشارة إليه ، وحاصله :
أن الآيتين المتقدمتين ، وإن كانتا تدلان على نزول القرآن دفعة واحدة على أحد الاحتمالين في معنى الآيتين ، إلا أن قوله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً)(٣) يدل على نزول القرآن متفرقا ، لأنه عبّر فيها ب (نزل) ، الدال على النزول التدريجي ، وفيما تقدم عبر بأنزل ، الدال على النزول الدفعي ثم هو يقول فيها : (فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ)(٤).
يضاف إلى ذلك قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً)(٥) حيث دلت الآية على نزول القرآن تدريجا.
وأيضا ، يجب أن لا ننسى هنا : أن بعض الآيات مرتبط بحوادث آنية ، مقيدة بالزمان ، كقوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها)(٦)
__________________
(١) الآية الأولى من سورة القدر.
(٢) الآية ١٨٥ من سورة البقرة.
(٣) الآية ١٠٦ من سورة الإسراء.
(٤) الآية ١٠٦ من سورة الإسراء.
(٥) الآية ٣٢ من سورة الفرقان.
(٦) الآية الأولى من سورة المجادلة.