النبي «صلى الله عليه وآله» ، والذي هو من أعرق عائلة عربية ، وأشرفها ، والذي كان في إبائه وسمو نفسه يفوق كل وصف ، ويتجاوز كل حد ـ إن صدور ذلك منه ـ يكاد يلحق بالمستحيلات والممتنعات.
ثم إنه لماذا اتصف محمد «صلى الله عليه وآله» فقط باليتم؟ مع أن عبد المطلب قد مات وابناه العباس وحمزة صغيران لم يبلغا الحلم؟! (١).
والظاهر هو : أن هذا من مجعولات أعداء الدين ، أو من أهل الكتاب ، أو من أذناب بني أمية ، الذين كانوا يحاولون الحط من شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما قدمناه في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وهكذا يقال تماما بالنسبة لما ينسب لأبي طالب «عليه السلام» ، لا سيما وأنه هو نفسه يقرّض النبي بذلك التقريض العظيم المتقدم.
ولعل الأصح هو : أن القائل لذلك هو نساء قريش ، كما سيأتي حين الحديث عن عدم صحة ما يقال من زواجها من رجلين قبله «صلى الله عليه وآله».
وهكذا يقال تماما بالنسبة لما يقال : من أن عمها كان يأنف من أن يزوجها من محمد ، يتيم أبي طالب (٢) ؛ فاحتالت هي عليه حتى سقته الخمر ، فزوجها في حال سكره ؛ فلما أفاق ، ووجد نفسه أمام الأمر الواقع لم يجد بدا من القبول.
__________________
(١) هذا ما ذكره المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني حفظه الله.
(٢) السيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٨ وتاريخ الإسلام (السيرة النبوية) ص ٦٥ ط دار الكتاب العربي ، ومسند أحمد ج ١ ص ٣١٢ ومجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٢٠.