الفصل الأول
لمحات من حياة الإمام الكاظم عليهالسلام
« إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ». « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » كاظم الغيظ لغة : هو الذي يحبس غيظه ويمسك على ما في نفسه منه.
كما جاء في لسان العرب لابن منظور : كظم الرجل غيظه ، إذا اجترعه ، وكظماً : ردَّهُ وحبسهُ فهو رجل كظيم. وفي الكتاب العزيز « والكاظمين الغيظ » أي الحابسين الغيظ وقد روي عن رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآله أنه قال : « ما من جرعة يتجرعها الإنسان أعظم أجراً من جرعة غيظ في الله عزّ وجلّ ».
وقد صوّر الإمام الكاظم عليهالسلام كظم الغيظ والعفو عن الذّنب تصويراً بلغ درجاته القصوى ، وانتهى بحدود الذروة منها ، ولعله صار لحدّ الاعجاز فلم يرو لنا التاريخ لأحد من الأعلام مثلما روى عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام حتى لُقّب بها فكانت هذه الصفة ذروتها تتمثل فيه.
وقد روي أنه جمع أولاده فقال لهم : « يا بنيّ إني اُوصيكم بوصية من حفظها لم يضع معها ، إن أتاكم آتٍ مكروهاً فاعتذر وقال لم أقل شيئاً فاقبلوا عذره » ١.
وقد لقيه أبو نؤاس مرّة فقال له :
إذا أبصرتك العين من غير ريبة |
|
وعارض فيك الشّك أثبتك القلبُ |
ولو أنّ ركباً أمّموك لقادهم |
|
نسيُمك حتى يستَدِلّ بك الركبُ |
جعلتُك حسبي في اُموري كُلّها |
|
وما خاب من أضحى وأنت له حسبُ |
____________
(١) موسوعة العتبات المقدسة ، جعفر الخليلي ١٠ : ٤٠ قسم الكاظمين.