وقد روي هذا الحديث من وجه آخر أتم من هذا ، بإسناد أشبه من هذا.
أخبرناه (١) أبو القاسم بن السّمرقندي أيضا ، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد البزاز ، أنا عيسى بن علي بن عيسى الكاتب ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، حدّثني السري بن يحيى أبو عبيدة التميمي ، نا سهل بن يوسف ، عن أبيه عن عبيد بن صخر (٢) بن لوذان الأنصاري السلمي ـ وكان فيمن بعثه النبي صلىاللهعليهوسلم مع عمال اليمن ـ فقال :
فرّق رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمال اليمن في سنة عشر بعد ما حج حجة التمام ، وقد مات باذام فلذلك فرّق أعمالها بين شهر بن باذام ، وعامر بن شهر الهمداني ، وعبد الله بن قيس أبو موسى ، وخالد بن سعيد بن العاص ، والطاهر بن أبي هالة ، ويعلى بن أمية ، وعمرو بن حزم ، وعلى بلاد حضرموت : زياد بن لبيد البياضي ، وعكاشة بن ثور على السكاسك والسّكون ، وبعث معاذ بن جبل معلّما لأهل البلدين : اليمن وحضرموت ، وقال : «يا معاذ إنك تقدم على أهل كتاب ، وإنهم سائلوك عن مفاتيح الجنّة ، فأخبرهم أن مفاتيح الجنّة : لا إله إلّا الله ، وأنها تخرق كل شيء [حتى](٣) تنتهي إلى الله عزوجل لا تحجب دونه من جاء بها يوم القيامة مخلصا ، رجحت بكلّ ذنب» ، فقال ـ يعني ـ معاذ : إذا سئلت واختصم إليّ فيما ليس في كتاب الله ، ولم أسمع منك فيه سنة؟ فقال : «تواضع لله عزوجل يرفعك الله ، واستدق الدنيا تلقك الحكمة ، فإنه من تواضع لله عزوجل واستدق الدنيا أظهر الله الحكمة من قلبه على لسانه ، ولا تقضينّ ولا تقولنّ إلّا بعلم ، فإن أشكل عليك أمر فاسأل ولا تستحي ، واستشر ، فإنّ المستشير معان ، والمستشار مؤتمن ، ثم اجتهد ، فإنّ الله عزوجل إن يعلم منك الصدق يوفقك ، فإن ألبس (٤) عليك فقف وأمسك حتى تتبيّنه ، أو تكتب إليّ فيه ، ولا تضربنّ فيما لم تجد في كتاب الله ، ولا في سنّتي على قضاء إلّا عن ملأ ، واحذر الهوى فإنه قائد الأشقياء إلى النار ، وإذا قدمت عليهم فأقم فيهم كتاب الله ، وأحسن أدبهم ، وأقرئهم القرآن يحملهم القرآن على الحق ، وعلى الأخلاق الجميلة ، وأنزل الناس منازلهم ، فإنهم لا يستوون إلّا في الحدود ، لا في الخير ولا في الشر ، على قدر ما هم عليه من ذلك ، ولا تحابينّ في أمر الله ، وأدّ إليهم الأمانة في الصغير والكبير ، وخذ ممن لا سبيل عليه العفو ، وعليك بالرفق ، وإذا أسأت فاعتذر إلى
__________________
(١) كتب فوقها في «ز» : ملحق.
(٢) مكانها بياض في «ز» ، وم.
(٣) استدركت على هامش الأصل.
(٤) غير واضحة بالأصل ورسمها : «السك» والمثبت عن د ، وم ، و «ز».