الناس ، وعاجل التوبة ، وإذا سروا عليك أمرا بجهالة فبيّن لهم حتى يعرفوا ، ولا تحافدهم ، وأمت أمر الجاهلية إلّا ما حسّنه الإسلام ، واعرض الأخلاق على أخلاق الإسلام ، ولا تعرضها على شيء من الأمور ، وتعاهد الناس في المواعظ ، والقصد القصد ، والصلاة الصلاة ، فإنها قوام هذا الأمر ، اجعلوها همكم ، وآثروا شغلها على الأشغال ، وترفّقوا بالناس في كلّ ما عليهم ، ولا تفتنوهم ، وانظروا في وقت كلّ صلاة ، فإنه كان أرفق بهم ، فصلّوا بهم فيه أوله وأوسطه وآخره ، صلوا الفجر في الشتاء وغلّسوا بها ، وأطل في القراءة على قدر ما يطيقون ، لا يملون أمر الله ، ولا يكرهونه ، وصلّوا الظهر في الشتاء مع أول الزوال ، والعصر في أوّل وقتها والشمس حيّة ، والمغرب حين تجب القرص ، صلّها في الشتاء والصيف على ميقات واحد إلّا من عذر ، وأخّر العشاء شاتيا فإن الليل طويل ، إلّا أن يكون غير ذلك ، أرفق بهم ، وإذا كان الصيف فأسفر ، فإنّ الليل قصير ، فيدركها النّوّام ، وصلّ الظهر بعد ما يتنفس الظلّ ، وتبرد الرياح ، وصلّ العصر في وسط وقتها ، وصلّ المغرب إذا سقط القرص ، والعشاء إذا غاب الشفق إلّا أن يكون غير ذلك ، أرفق بهم» [١٢١٧٩].
وقال عبيد بن صخر : أمر النبي صلىاللهعليهوسلم عماله باليمن جميعا ، فقال : «تعاهدوا الناس بالتذكر (١) ، وأتبعوا الموعظة بالموعظة ، فإنّه أقوى (٢) للعالمين على العمل بما يحب الله ، ولا تخافوا في الله لومة لائم ، واتقوا الله الذي إليه ترجعون» ، قال : فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لمعاذ حين بعثه معلّما إلى اليمن : «إنّي قد عرفت بلاءك في الدين ، والذي ذهب من مالك وركبك من الدين ، وقد طيبت لك الهدية ، فإن أهدي لك شيء فاقبل» ، فرجع حين رجع بثلاثين رأسا [١٢١٨٠].
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنا أبو بكر ابن المقرئ ، نا القاسم بن مندة بن كوشيذ ، نا سليمان الشاذكوني ، نا الهيثم بن عبد الغفّار ، عن سبرة بن معبد ، عن عبادة بن نسي ، عن عبد الرّحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل قال :
لما بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى اليمن قلت : يا رسول الله ، إن جاءني ما ليس في كتاب الله ، ولم أسمع منك فيه شيئا ، قال : «اجتهد رأيك ، فإنّ الله إذا علم منك الحق وفقك للحق» [١٢١٨١].
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبّار بن أحمد الفقيه ، وأبو المعالي محمّد بن إسماعيل ، قالا :
__________________
(١) بالأصل : بالتذكير ، والمثبت عن د ، وم ، و «ز».
(٢) بالأصل : «لقوي» والمثبت عن م ، و «ز» ، وفي د : أقوم.