٢ ـ الحياة العامة فى
بغداد
(أ) القصور والدور
فى بغداد فى العصر العباسى الأول :
عنى الخلفاء
والأمراء العباسيون ومن يلوذ بهم من الوزراء والأباء والعلماء بتشييد القصور
الفخمة فى مدينة السلام ، وبلغت درجة من الاتساع جعلتها أشبه بمدن كبيرة ، واشتملت
على دور واسعة وقاعات ذات قباب وأروقة وبساتين .
وأول القصور التى
شيدت فى بغداد قصر باب الذهب ذى القبة الخضراء وارتفاعها ثمانون ذراعا ، ويمكن
منها الإشراف على نواحى بغداد المختلفة وما يحيط بها من حدائق وبساتين ، وبدت
كأنها «إكليل من نور قد تدلى على مدينة السلام » وعلى رأس القبة ظهر تمثال على صورة فارس فى يده رمح ،
وتحت القبة مجلس بمستوى سطح الأرض مساحته عشرة أمتار فى مثلها. وفى صدر إيوان عظيم
على الطراز الفارسى ، وكان يسمى قصر السلام .
على أن المنصور
شيد قصرا آخر على أطراف بغداد وسماه الخلد نسبة إلى حدائقه الواسعة ويقع على دجله تجاه خراسان وتأنق فى بنائه وتجميله ، وبنيت
حوله الدور حتى أصبح القصر وما حوله من عمائر يعرف بالخلد وكان بهذا القصر قباب بديعة الشكل وبأبوابه مسامير من ذهب
وفضة «كما تخللته العمد الكثيرة الفخمة ، التى زينها المنصور بالرسوم البديعة ،
والصور الجميلة وكان مجلسه فى هذا القصر مفروشا بالرخام يتوسطه قضبان ذهبية ، وفرش
بالبسط والديباح التى نقش عليها أبيات شعرية فى مدح الخليفة ، وفى المجلس كراسى
فخمة مرصعة باللؤلؤ معدة لجلوس كبار رجال الدولة الذين يحظون بالجلوس فى
__________________