اشتراها ، إبراهيم بن المهدى بعد سنة بثلائمائة ألف دينار ، واشتراها المعتصم بعد ذلك بخمسة آلاف وخمسمائة دينار (١).
وكان للمهدى جارية من أصل فارسى ، تعلمت فى الطائف وتتفقت وأنجبت إبراهيم بن المهدى وكان رجلا أدبيا دينا شاعرا راوية للشعر وأيام العرب فصيحا خطيبا (٢) ، وكانت مكنونة من أبرز الجوارى فى الغناء ، نشأت فى المدينة ، وأتقنت الغناء ، واشتراها بمائة ألف درهم (٣) ، فغلبت عليه ، وأنجبت عليه ، وكانت شاعرة أيضا تتقن الغناء ولها ألحان كثيرة (٤). والواقع أن كبار الموسيقيين فى بغداد قد تخرج على أيديهم الكثير من الأرقاء والجوارى ، ومن أبرز هؤلاء الأرقاء عبد أسود يقال له زرياب ، كان مطبوعا على الغناء ، إبراهيم الموصلى ، وربما حضر به مجلس الرشيد يغنى فيه ، ثم انتقل إلى خدمة بنى الأغلب فى القيروان ، وغضب عليه زيادة الله فغادر القيروان ، وقصد الأندلس ودخل فى خدمة الأمير عبد الرحمن بن الحكم ، وذاع صيته (٥).
ومن الجوارى ظهرت شاعرات يتقن الشعر ، وأول من اشتهر منهن بقول الشعر فى الدولة العباسية عنان بيعت بمائة ألف درهم ، ولم يزل فحول الشعراء فى عصرها يلتقون بها فى منزل مولاها فيتقارضونها الشعر وتنتصف منهن (٦).
اشتغل الرقيق والجوارى عند سادتهم فى جمع الأعمال التى تدر عليهم الربح ، فمنهم من عمل فى زراعة أرض سيده. ومنهم من اشتغل بالصناعة ، ومنهم من عمل فى الحراسة أو فى الخدمة المنزلية ، على أن أهم الأعمال التى أسندت إليهم كانت الجندية ، فقد اشترى الخليفة المعتصم الرقيق الأبيض ، وأدخله فى جيشه ، وعنى به حتى بلغ عددهم بضعة آلاف (٧).
__________________
(١) المصدر السابق ج ٤ ص ٢٦٩.
(٢) الأصفهانى : الأغانى ج ١٠ ص ١١٢.
(٣) المصدر السابق ج ١٠ ص ١٦٢.
(٤) المصدر السابق ج ١٠ ص ١٩٤.
(٥) ابن عبد ربه : العقد الفريد ج ٤ ص ١١٠.
(٦) المصدر السابق ذكره ونفس الصفحة.
(٧) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ٢٢١ ه.
John Glub. Empire of the Arabs p. ٣٤٣.