رئيس النصارى فى بغداد يسمى الجاثليق ، ويعينه الخليفة بعد استشارة كبار الأساقفة ، ويتم تعيينه بعهد أو منشور يتضمن الحقوق والامتيازات التى تمنحها الدولة له ـ أى للجاثليق ـ وتمنحه الحق فى مراجعة حكومة بغداد فى الأمور التى تتعلق بالمسيحيين الرعايا (١).
وكان الجاثليق الجديد إذا تم تعيينه ، يسير بحفاوة إلى قصر الخلافة وهناك يمنحه الخليفة عهد توليته ، ويتضمن حقوقه فى مباشرة سلطاته ثم تلقى عليه الخلع الثمينه ، وبعد ذلك يتوجه إلى المدائن ، وتصحبه فرقة من الجنود وجماعة من القسس والأساقفة ، وكبار رجال الدولة حيث يزور ضريح مارى فى ديره ، وفقا للتقاليد المتبعة فى ذلك ثم يعود إلى بغداد ، ويقيم فى كنيسة دار الروم ـ مقره الرسمى ـ (٢).
قلنا إن الجاثليق كان من حقه مباشرة شئون النصارى ، وإصدار قرارات تعيين أقضل القسس والأساقفة وسائر رجال الكنيسة ومن حقه معاقبة النصارى ، وذلك بفرض الغرامات عليهم ، وإصدار قرار الحرمان على من يستحق منهم ، غير أن الأحكام الجنائية الكبيرة كالإعلام لا تدخل فى إختصاصاته ، إنما كانت من حق الحكومة (٣) ومن أبرز من ولى منصب الجاثليق فى بغداد طيمثاوس الأول (٧٨٠ م ـ ٨٣٢ م) وقد كان على علاقة وثيقة بالخلفاء العباسيين الخمسة الأول الذين عاصرهم ولقى منهم كل رعاية وتقدير ، وكان الخليفة موسى الهادى يستدعيه إلى قصره ويحاوره فى مسائل الدين ، ويجيبه بما يتفق مع وجهة نظره (٤).
أما اليهود فلهم رئيس خاص ، يلقب أحيانا بلقب ملك ، يدفع له أهل ملته الضرائب ، وكان نصف ما يحصل من اليهود يعطى لرئيسهم ،
__________________
(١) متز : الحضارة الإسلامية ج ١ ص ٤٢.
(٢) روفائيل بأبو إسحاق : تاريخ نصارى العراق ص ٦٧.
(٣) متز : الحضارة الإسلامية ج ١ ص ٤٢.
(٤) المصدر السابق ص ٦٨.