رعاة وصيادين فى هضابهم وجبالهم العالية ، لذلك عرف عنهم. خشونة الطبع وقوة الشكيمة ، وأثرت هذه الحياة فى أخلاقهم لذا برعوا فى أساليب الحرب والقتال. وساعدهم على الأندماج فى مجتمع بغداد ، أعتناقهم الإسلام وتعلمهم اللغة العربية.
توافد الأتراك على بغداد بطرق شتى ، إما عن طريق وقوعهم فى أسر العرب الفاتحين ، وبيعوا فى الأسواق الرقيق ، وإما عن طريق إرسال ولاة الأقاليم التركية تركا ضمن الجبايات التى كانت ترسل إلى بغداد (١) ، وأما عن طريق هجرة كثير من الأتراك إلى بغداد بعد فتح بلادهم لتحسين أحوالهم المعيشية. وكانت بلاد ما وراء النهر خصوصا سمرقند أكبر أسواق تجارة الرقيق الأبيض. وكانوا مدربين تدريبا خاصا (٢).
توافد الأتراك بكثرة على مدينة بغداد منذ تأسيسها ، وازداد طلب الخلفاء لهم لأن مميزاتهم العسكرية تؤهلهم ـ كما قلنا ـ للعمل فى حراسة الخلفاء ، وكان المنصور أول من أستخدم الأتراك كحرس بل واعتمد عليهم كذلك فى الأعمال المدنية ، فالجهشيارى (٣) يذكر أن المنصور أمر حماد التركى ـ أحد كبار موظفيه ـ بتعديل نظام الضرائب فى السواد. وكان قصر الرشيد يضم بضعة مئات من الغلمان الترك (٤).
استكثر المعتصم من الترك حتى بلغ عددهم ثمانية آلاف رجل ، وتكون منهم فرق من الجيش يقودها قواد من الترك ، وكانت هذه الفرق فى عزله تامة عن بقية الجيش. وازداد نقوذ الترك فى بغداد ، وأصبح لهم السلطة والنفوذ فيها ، بينما ضعف أمر العرب والفرس.
__________________
(١) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ٢٨٥ ـ ٢٨٦.
(٢) ابن حوفل : المسالك والممالك ص ٢٦٨.
(٣) الوزراء والكتاب ص ١٣٤.
(٤) الأصفهانى : الأغانى ج ٥ ص ٢٣٠.