واستخدم العباسيون الأسلوب العلمى فى الزراعة ، فدرسوا الوسائل التى تؤدى إلى خصوبة الأرض ، وأنواعه النباتات ، ونوعية التربة التى تصلح لكل نبات (١) ، ورشحت المستنقعات بنظام دقيق (٢).
كانت أرض العراق من الناحية القانونية ملكا للدولة ، وأبقاها الخلفاء فى أيدى أصحابها يزرعونها ويؤدون خراجا عنها ، وقد حرص الخلفاء العباسيون على عدم اثقال كاهل الأهلين بضريبة الأرض الأمر الذى شجعهم على بذل الجهود لزيادة إنتاج الأرض ، وبذكر الجهشيارى (٣) أن الخليفة المهدى نهى عمال الخراج عن التعسف وإلحاق الجور بالمزارعين وكان الوالى الذى يلحق الأذى بأهل الخراج يعزل أو يعاقب (٤).
وكانت الحكومة تمتلك أرضا آلت إليها من الأمويين الذين صودرت أملاكهم ، أو مات أصحابها دون أن يتركوا من يرثهم ، أو أراضى صادرها الخلفاء عقوبة لأصحابها ، وأرض الدولة هذه يقطعها الخلفاء إلى رجال يثقون بهم ، أو ممن أدوا خدمات جليلة لأمتهم ، وقد عمروا هذه الإقطاعات ، وسميت بأسمائهم ، من ذلك أن المنصور أقطع العباس بن محمد بن على الجزيرة بين الصراتين ، فجعلها العباس بستانا ينمو فيه مختلف الزروع ، ولا تنقطع غلاتها صيفا ولا شتاءا ، وسميت بالعباسية (٥) ، وأقطع المأمون وزيره الحسن بن سهل الصلح ، وهى كورة فوق واسط لها نهر يتفرع من دجله على الجانب الشرقى يسمى فم الصلح (٦).
ولم يكن إقطاع الأرض مقصورا على الخليفة وحده ، بل إن صاحب الأرض الواسعة كان يقطع أحيانا بعض المزارعين جزءا من أرضه فيقومون بزراعتها.
__________________
(١) حسن إبراهيم حسن : تاريخ الإسلام السياسى ج ٢ ص ، ٣٠٧
(٢) سيد أمير على : مختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامى ص ، ٣٦٤
(٣) الوزراء والكتاب ص ، ١٤٣
(٤) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ، ٢١٩
(٥) اليعقوبى : البلدان ص ، ٢٥٩
(٦) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ٢٢١ ه.
Hitti : Hist. of the Arabs p. ٠٤٣.