المفكرون العرب المنطق عن اليونان. وأعتمدوا عليه اعتمادا كبيرا فى البحث والدراسة والمناقشة والجدل وتوضيح البرهان ومنطق أرسطو هو الذى اعتمد عليه العرب دون غيره ، وأتضح ذلك فى التبويب والترتيب وتقسيم الموضوعات وذكر الأمثلة والأحكام ، واستخدام القياس فى النحو ، والفقه والفلسفة معتمدا بالدرجة الأولى على المنطق.
كذلك تأثرت الثقافة العربية بالفكر اليونانى فى علوم الطب والفلك والجغرافيا والكلام والموسيقى ، وأثرت الأفلاطونية فى التصوف (١).
وكان للثقافة اليونانية أثر كبير فى بغداد ، ذلك لأن اتصال المسلمين بها صاحب عصر تدوين العلوم العربية. فتسربت الثقافة اليونانية إليها ، وصيغتها بصيغة خاصة ، على أن العرب استفادوا من الثقافة اليونانية فى المجالات التى تهمهم فقط ، فأخذوا ما أخذوا عنهم ثم بنوا عليه ورادوا فيه وابتكروا واقتصر اقتباسهم من الثقافة اليونانية على ما يلائم الحياة الإسلامية ولا يتعارض معها ، وأهملوا وتركوا كل ما يتعارض مع الدين الإسلامى والتقاليد العربية (٢) عنى المسلمون بنقل تاريخ بنى إسرائيل وأنبيائهم ، كما فعل ابن قتبية فى كتابه المعارف. وقد ثبت بما لا بدع مجالا للشك أن كثيرا مما نقل عن تاريخ بنى إسرائيل ينقصه الدقة ، وتظهر فيه الأساطير والمبالغات ، ذلك أن الروايات التى نقلت عنهم ، كثيرا من رواتها من العوام ، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن بعض قصص ألف ليلة وليلة من أصل يهودى ، ومهما يكن من أمر فقد تسربت بعض جوانب الثقافة اليهودية إلى الفكر العربى ، بعضها أخذ عن أهل العلم بالكتاب ، وبعضها عن العوام (٣).
كذلك ظهر أثر الثقافة المسيحية فى بغداد ، وقد أوردت الكتب العربية شيئا كثيرا منها كرسالة الجاحظ فى الرد على النصارى حول بعض عقائدهم.
__________________
(١) أحمد أمين ، ضحى الإسلام ج ١ ص ٢٧٥.
(٢) أحمد أمين ، ضحى الإسلام ج ١ ص ٣٧٨.
(٣) المصدر السابق ج ١ ص ٣٣٨.