الطبية برئاسة يوحنا بن ماسويه (١) وبهذا عادت هذه البعثة إلى بغداد محملة بكتب تشمل علوما متنوعة.
ولم يكن الخلفاء وحدهم يباشرون حركة الترجمة ، وينفقون عليها ، بل جاراهم فى ذلك كبار رجال الدولة مثل البرامكة وبنو سهل ، ومن أبرز من عنى بالترجمة فى بغداد محمد وأحمد والحسن أبناء موسى بن شاكر ، وكانت لهم همم عالية فى تحصيل العلوم القديمة وكتب الأوائل ، وافنوا أنفسهم فى شأنهم ، وأنفذوا إلى بلاد الروم من اشتراها لهم وأحضروا النقلة من الأصقاع الشاسعة والأماكن البعيدة ، بالبذل السنى فأظهروا عجائب الحكمة وأمّ العلوم التى عنوا بترجمتها الهندسة والموسيقى والنجوم والفلسفة (٢).
وكان فرع الطب أهم العلوم التى عنى المترجمون بترجمته ، وأكثر ما عنوا به بعد الطب الحكمة ، أى القصص الجميلة ذات المغزى الخلقى أو النوادر ، أو الأقوال الحكيمة وكان يترجم هؤلاء العلماء ما يعجبنا نحن ، إذا كانوا يعجبون بهذه الأقوال ويجمعونها لما تحتويه من حكمة أو لجمال أسلوبها وحسن عرضها (٣).
ولقسطا بن لوقا رسالة قصيرة فى الفرق بين النفس والروح ، ولم تؤثر الثقافة اليونانية فى العرب إلا عن طريق الرياضيات والطبيعيات والفلسفة ، وقد عرفوا شيئا عن أطوار الفلسفة اليونانية ، ولكن هذه المعرفة كانت مشوية بأساطير كثيرة (٤).
على أن العرب استفادوا كثيرا من فلسفة سقراط وأفلاطون وأرسطو فأفلاطون على ما عرف العرب كان يقول بحدوث العالم وبقاء النفس وكونهما جوهرا روحيا ، وهذه آراء لا تتعارض مع عقيدة المسلمين ، أما أرسطو فكان يقول
__________________
(١) المصدر السابق ص ٣٨٠.
(٢) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ٤ ص ٢٤٧.
(٣) دى بور : تاريخ الفلسفة في الإسلام ص ٣١.
(٤) المصدر السابق ص ٣١.