أما الكتب اليونانية فلم يبدأ العرب ترجمتها مباشرة إلا منذ سنة ١٩١ ه ، ولم يكن العرب فى حاجة إلى ترجمة الآداب اليونانية ، لأن الآداب العربية غنية ، إنما نقلوا العلوم الطبية والفلكية والرياضية والفلسفية وهى العلوم التى كان العرب ففى حاجة إليها.
أزدهرت حركة الترجمة فى عهد الخليفة الرشيد ، فكان من بين ما حصل عليه من غزواته المتعددة فى بلاد الروم الكتب النفسية.
ولما كان الرشيد محبا للعلم ، فقد أسند إلى يوحنا بن ماسويه مهمة ترجمة هذه الكتب ، ورتب له كتابا حذافا يكتبون بين يديه ، وخلفه أبا سهل نوبخت الذى كان منجما للمنصور ـ وهو من أصل فارسى (١) ، وتولى منصب رئيس بيت الحكمة ، وكان ينقل من الفارسية إلى العربية ما يجده من الكتب الفارسية (٢).
وثمة ملاحظة هامة ، وهو أن حركة الترجمه بدأت أولا فى نقل الكتب الفارسية إلى العربية. لأن دولة العباسيين قامت على أكتاف الفرس ، وظهر وزراء فرس فى بغداد كانوا أصحاب نفوذ كبير فى الدولة العباسية. ولما كانت ثقافتهم فارسية وعربية أيضا ، فقد شجعوا حركة الترجمه من الفارسية إلى العربية ، وأنفقوا فى ذلك أموالا جمة.
على أن الترجمات التى تمت فى عهد المنصور والرشيد قد فقدت ولم يبق سوى الكتب التى ترجمت فى عهد المأمون.
شغف المأمون بالفلسفة اليونانية وخصوصا فلسفة أرسطو ، ولم يقدم المسلمون حتى أيامه على ترجمة الكتب الفلسفة لاتهام أصحابها بالكفر والزندقة فلما قال المأمون بالاعتزال ، أمر بنقل كتب الفلسفة من اليونانية إلى العربية (٣).
__________________
(١) ابن النديم : الفهرست ص ٣٨٢.
(٢) ابن القفطى : أخبار العلماء بأخبار الحكماء ص ٢٥٥.
(٣) المصدر السابق ص ٢٩.