بالعدالة والضبط
ويثبت ذلك بالنقل عن أعلام الدين بعد تعديلهم وبراءتهم من الجرح والغفلة فيكون ذلك
دليلا على القبول أو الترك ، وكذلك مراتب هؤلاء النقلة من الصحابة والتابعين
وتفاوتهم فى ذلك ، وتميزهم فيه ، وكذلك الآسانيد تتفاوت باتصالها وانقطاعها
وبسلامتها من العلل الموهنة لها .
تعرض الحديث
للتحريف ، لأن العرب كانوا لا يدونونها ، وظهر علماء أجلاء بذلوا جهودا مضيئة فى
سبيل جمع الحديث الصحيح ، ومع ذلك فإن الفقهاء ناقشوها ورفضوا كثيرا منها ،
فالإمام أبو حنيفة لم يوافق إلا على ستة عشر حديث جمعها البخارى .
ظهرت المصنفات فى
العصر العباسى الأول فى الحديث ، وتتضمن تقسيم الأحاديث وتبويبها حسب الموضوعات من
عبادات ومعاملات وأخلاق وغير ذلك ، والمصنفات تختلف عن المسند ، لأن المسند يبوب
حسب الرجال ، أما المصنف فهو ـ كما قلنا ـ حسب الموضوعات .
ولقد ظهرت
المصنفات فى بغداد فى وقت احتدام الصراع بين أهل الحديث وأهل الرأى الذين لم
يعتمدوا على الحديث كثيرا كمصدر من مصادر التشريع ، ومن حرص علماء الحديث على وضع
مصنفات يبرزون فيها المسائل الفقهية المختلفة ، بحيث لا يجد أهل الرأى مجالا
للأدعاء بأن الحديث ليس مصدرا هاما للتشريع الإسلامى.
وجدير بالذكر أن
أحمد بن حنبل اعتمد فى فقهه على الحديث ، فإذا وجد حديثا صحيحا اكتفى به ، وإذا
عثر على فتوى من الصحابة أخذ بها ، وأحيانا يروى فى المسألة الواحدة رأيين ، وكان
يرفض القياس إلا فى الضرورة القصوى ، ويفضل عليه الحديث حتى ولو كان مرسلا أو
ضعيفا .
ومن أشهر رواة
الحديث الذين أقاموا فى بغداد ، محمد بن إسحاق بن يسار ـ
__________________