أتقى ولا أفقه من ابن حنبل ، وقد عارض مذهب المعتزله الذى أعتنقه الخليفة المأمون ، فلما دعى إلى القول بخلق القرآن ، ولم يجب ، ضرب وحبس ، وأخذ عنه جماعة من العلماء الأجلاء نخص بالذكر منهم محمد بن إسماعيل البخارى ، ومسلم بن الحجاج النيسابورى (١).
وكان ابن حنبل عالما ورعا تأثر به الناس حتى أن يوم وفاته فى بغداد سنة ٢٤١ ه أسلم عشرون ألفا من النصارى واليهود (٢).
ومن فقهاء بغداد فى ذلك العصر داود بن على الأصبهانى المعروف بداود الظاهرى ، درس مذهب الشافعى ، وألف فى مناقبه ثم أستقبل بمذهب يعرف بالظاهرية وهو يناقض المذهب الحنفى ، إذ أنه يرفض القياس رفضا تاما ، ويرى أن فى القرآن والحديث ما يكفى لاستنباط الأحكام ، بل يجب التقيد بهما وبظاهرهما ، وهاجم داود القياسية وأبرز أخطاء لهم فى الأحكام نتيجة أخذهم بالقياس (٣).
يأتى الحديث فى الأهمية بعد القرآن الكريم كمصدر من مصدر التشريع الإسلامى ، والحديث هو ما أثر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قول أو فعل أو حكم أصدره فى موضوع عرض عليه ، ولقد كان جمع الحديث فى هذا العصر عاملا هاما عند المشتغلين بالفقه ، وكان هناك طريقتين فى جمع الأحاديث : أولهما الحديث المسند الذى ليس بالضرورة أن يتصل أسناده بالصحابة أنما يكتفى بنقل اسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ، وبعض هذه الأحاديث يفصل أسنادها إلى صحابى بعينه ، والصحابى بالطبع يأخذ عن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأهم مسند وضع فى بغداد هو مسند ابن حنبل (٤).
لذلك فأن من أهم فروع علم الحديث النظر فى الأسانيد ، ومعرفة ما يجب العمل به من الأحاديث بالوقوف على المسند الكامل ، ومعرفه رواة الحديث
__________________
(١) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ١ ص ، ١٧
(٢) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ٢ ص ، ٥٧
(٣) مقدمة ابن خلدون ص ، ٤٤٦
(٤) المصدر السابق ص ، ٤٣٦