والإمام مالك
وأنتقل إلى بغداد سنة ١٩٥ وأتصل علماؤها ، به ورووا عنه مذهبه القديم وفى سنة ١٩٨
ه طلبت منه عبد الرحمن بن المهدى فى بغداد أن يضع له كتابا فيه معانى القرآن
الكريم وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة وحجة الإجماع ، فوضع له كتاب الرسالة وترجع أهمية الرسالة إلى أنها نقطة
الاتصال التاريخية للفقه الإسلامى ، إذ أنه كان وسطا بين أهل الرأى وأهل الحديث.
وعلى الرغم من
رحيل الشافعى عن بغداد إلا أنه ترك فيها تلاميذ فى فقه ، وأصلوا جهوده ، نخص
بالذكر منهم أبو البخترى وهب بن كثير ، كان فقهيا أخباريا ، ولاه الرشيد القضاء فى
الرصافة ثم عزله ، وله من الكتب كتاب الرايات ، كتاب طسم وجديس ، كتاب فضائل
الأنصار .
وترك الشافعى فى
بغداد تلاميذ نشروا فقهه وشرحوه ، نخص بالذكر منهم سليمان بن داود بن على بن خلف ،
وينسب إلى عائلة من قاشان قرب أصفهان وقد درس ببغداد فقه الشافعى ، وهو أول من ألف
فى مناقب الشافعى ، وأقام فى بغداد يعلم التلاميذ فقه الشافعى الذى تعصب له وتوفى
فى بغداد سنة ٢٧٠ ه.
ومن تلاميذ الإمام
الشافعى ومر يديه إبراهيم بن خالد بن إلياس الكلبى نقل أقواله القديمة ، وكان أحد
الفقهاء الأعلام والثقات المأمونين فى الفقه له المصنفات القيمة فى الأحكام ، جمع
فيها بين الحديث والفقه ، وكان أول اشتغاله بمذهب أهل الرأى حتى قدم الشافعى إلى
العراق ، فتردد عليه ، وأتبع مذهبه ، ولم يزل على ذلك حتى وفاته فى بغداد سنة ٢٤٦
ه.
على أن أحمد بن
حنبل يعتبر بحق أبرز تلاميذ الشافعى ، ولد ابن حنبل فى بغداد فى سنة ١٦٤ ه ورحل
فى طلب العلم ، ورجع إلى بغداد حيث تتلمذ على الشافعى من سنة ١٩٥ حتى سنة ١٩٧ ه ،
ويعتبر إمام المحدثين ، صنف كتابه المسند. وجمع فيه من الحديث ما لم يجمعه غيره ،
وقيل أنه كان يحفظ ألف ألف حديث وبلغ من تقدير الشافعى له أن قال : خرجت من بغداد
وما خلفت فيها
__________________