عِظامَهُ) أنها نزلت في أبي جهل. وقال الزمخشري : يعني الإنسان في قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ). ألا ترى إلى قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) ، وهو معطوف على قوله : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) : أي لا يؤمن بالبعث؟ (فَلا صَدَّقَ) بالرسول والقرآن ، (وَلا صَلَّى). ويجوز أن يراد : فلا صدق ماله ، يعني فلا زكاة. انتهى. وكون (فَلا صَدَّقَ) معطوفا على قوله : (يَسْئَلُ) فيه بعد ، ولا هنا نفت الماضي ، أي لم يصدق ولم يصل ؛ وفي هذا دليل على أن لا تدخل على الماضي فتنصبه ، ومثله قوله :
وأي جميس لا أتانا نهابه |
|
وأسيافنا يقطرن من كبشه دما |
وقال الراجز :
إن تغفر اللهم تغفر جما |
|
وأيّ عبد لك لا ألما |
وصدق : معناه برسالة الله. وقال قوم : هو من الصدقة ، وهذا الذي يظهر نفى عنه الزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب ، كقوله : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (١). وحمل (فَلا صَدَّقَ) على نفي التصديق بالرسالة ، فيقتضي أن يكون (وَلكِنْ كَذَّبَ) تكرارا. ولزم أن يكون لكن استدراكا بعد (وَلا صَلَّى) لا بعده (فَلا صَدَّقَ) ، لأنه كان يتساوى الحكم في (فَلا صَدَّقَ) وفي (كَذَّبَ) ، ولا يجوز ذلك ، إذ لا تقع لكن بعد متوافقين. (وَتَوَلَّى) : أعرض عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكذب بما جاء به. (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ) : أي قومه ، (يَتَمَطَّى) : يبختر في مشيته. روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لبب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له : «إن الله يقول لك أولى فأولى لك» ، فنزل القرآن على نحوها ، وقالت الخنساء :
هممت بنفسي كل الهمو |
|
م فأولى لنفسي أولى لها |
وتقدم الكلام على (أَوْلى) شرحا وإعرابا في قوله تعالى : (فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) (٢) في سورة القتال ، وتكراره هنا مبالغة في التهديد والوعيد. ولما ذكر حاله في الموت وما كان من حاله في الدنيا ، قرر له أحواله في بدايته ليتأمّلها ، فلا ينكر معها جواز البعث من القبور. وقرأ الجمهور : (أَلَمْ يَكُ) بياء الغيبة ؛ والحسن : بتاء الخطاب على سبيل الالتفات. وقرأ الجمهور : تمنى ، أي النطفة يمنيها الرجل ؛ وابن محيصن
__________________
(١) سورة المدثر ٧٤ / ٤٣ ـ ٤٦.
(٢) سورة محمد : ٤٧ / ٢٠ ـ ٢١.