وابن زيد. واحتمل أن يكون القائل الملائكة ، أي من يرقى بروحه إلى السماء؟ أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ قاله ابن عباس أيضا وسليمان التيمي. وقيل : إنما يقولون ذلك لكراهتهم الصعود بروح الكافر لخبثها ونتنها ، ويدل عليه قوله بعد : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) الآية. ووقف حفص على (مَنْ) ، وابتدأ (راقٍ) ، وأدغم الجمهور. قال أبو علي : لا أدري ما وجه قراءته. وكذلك قرأ : (بَلْ رانَ) (١). انتهى. وكان حفصا قصد أن لا يتوهم أنها كلمة واحدة ، فسكت سكتا لطيفا ليشعر أنهما كلمتان. وقال سيبويه : إن النون تدغم في الراء ، وذلك نحو من راشد ؛ والإدغام بغنة وبغير غنة ، ولم يذكر البيان. ولعل ذلك من نقل غيره من الكوفيين ، وعاصم شيخ حفص يذكر أنه كان عالما بالنحو. وأمّا (بَلْ رانَ) فقد ذكر سيبويه أن اللام البيان فيها ، والإدغام مع الراء حسنان ، فلما أفرط في شأن البيان في (بَلْ رانَ) ، صار كالوقف القليل. (وَظَنَ) ، أي المريض ، (أَنَّهُ) : أي ما نزل به ، (الْفِراقُ) : فراق الدنيا التي هي محبوبته ، والظن هنا على بابه. وقيل : فراق الروح الجسد.
(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) ، قال ابن عباس والربيع بن أنس وإسماعيل بن أبي خالد : استعارة لشدّة كرب الدنيا في آخر يوم منها ، وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها ، لأنه بين الحالين قد اختلطا به ، كما يقول : شمرت الحرب عن ساق ، استعارة لشدتها. وقال ابن المسيب والحسن : هي حقيقة ، والمراد ساقا الميت عند ما لفا في الكفن. وقال الشعبي وقتادة وأبو مالك : التفافهما لشدّة المرض ، لأنه يقبض ويبسط ويركب هذه على هذه. وقال الضحاك : أسوق حاضريه من الإنس والملائكة ؛ هؤلاء يجهزونه إلى القبر ، وهؤلاء يجهزون روحه إلى السماء. وقيل : التفافهما : موتهما أولا ، إذ هما أول ما تخرج الروح منهما فتبردان قبل سائر الأعضاء. وجواب إذا محذوف تقديره وجد ما عمله في الدنيا من خير وشر.
(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) : المرجع والمصير ، والمساق مفعل من السوق ، فهو اسم مصدر ، إمّا إلى جنة ، وإمّا إلى نار. (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) ، الجمهور : إنها نزلت في أبي جهل وكادت أن تصرح به في قوله : (يَتَمَطَّى). فإنها كانت مشيته ومشية قومه بني مخزوم ، وكان يكثر منها. وتقدم أيضا أنه قيل في قوله : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ
__________________
(١) سورة المطففين : ٨٣ / ١٤.