(فَإِذا قَرَأْناهُ) : أي الملك المبلغ عنا ، (فَاتَّبِعْ) : أي بذهنك وفكرك ، أي فاستمع قراءته ، قاله ابن عباس. وقال أيضا هو قتادة والضحاك : فاتبع في الأوامر والنواهي. وفي كتاب ابن عطية ، وقرأ أبو العالية : فإذا قرته فاتبع قرته ، بفتح القاف والراء والتاء من غير همز ولا ألف في الثلاثة ، ولم يتكلم على توجيه هذه القراءة الشاذة ، ووجه اللفظ الأول أنه مصدر ، أي إن علينا جمعه وقراءته ، فنقل حركة الهمزة إلى الراء الساكنة وحذفها فبقي قرته كما ترى. وأمّا الثاني فإنه فعل ماض أصله فإذا قرأته ، أي أردت قراءته ؛ فسكن الهمزة فصار قرأته ، ثم حذف الألف على جهة الشذوذ ، كما حذفت في قول العرب : ولو تر ما الصبيان ، يريدون : ولو ترى ما الصبيان ، وما زائدة. وأمّا اللفظ الثالث فتوجيهه توجيه اللفظ الأول ، أي فإذا قرأته ، أي أردت قراءته ، فاتبع قراءته بالدرس أو بالعمل. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) ، قال قتادة وجماعة : أن نبينه لك ونحفظكه. وقيل : أن تبينه أنت. وقال قتادة أيضا : أن نبين حلاله وحرامه ومجمله ومفسره.
وفي التحرير والتحبير قال ابن عباس : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) : أي حفظه في حياتك ، وقراءته : تأليفه على لسانك. وقال الضحاك : نثبته في قلبك بعد جمعه لك. وقيل : جمعه بإعادة جبريل عليك مرة أخرى إلى أن يثبت في صدرك. (فَإِذا قَرَأْناهُ) ، قال ابن عباس : أنزلناه إليك ، فاستمع قراءته ، وعنه أيضا : فإذا يتلى عليك فاتبع ما فيه. وقال قتادة : فاتبع حلاله واجتنب حرامه. وقد نمق الزمخشري بحسن إيراده تفسير هذه الآية فقال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا لقن الوحي ، نازع جبريل القراءة ولم يصبر إلى أن يتمها مسارعة إلى الحفظ وخوفا من أن يتفلت منه ، فأمر بأن يستنصت له ملقيا إليه بقلبه وسمعه حتى يقضي إليه وحيه ، ثم يعقبه بالدراسة إلى أن يرسخ فيه. والمعنى : لا تحرك لسانك بقراءة الوحي ما دام جبريل يقرأ. (لِتَعْجَلَ بِهِ) : لتأخذه على عجلة ولئلا يتفلت منك ، ثم علل النهي عن العجلة بقوله : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) في صدرك وإثبات قراءته في لسانك. (فَإِذا قَرَأْناهُ) : جعل قراءة جبريل قراءته ، والقرآن القراءة ، فاتبع قراءته : فكن مقفيا له فيه ولا تراسله ، وطامن نفسك أنه لا يبقى غير محفوظ ، فنحن في ضمان تحفيظه. (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) : إذا أشكل عليك شيء من معانيه ، كأنه كان يعجل في الحفظ والسؤال عن المعنى جميعا ، كما ترى بعض الحراص على العلم ونحوه ، ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه. انتهى.
وذكر أبو عبد الله الرازي في تفسيره : أن جماعة من قدماء الروافض زعموا أن القرآن