أو رجل أو غيره. (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ) : أي إلى حكمه يومئذ تقول أين المفر ، (الْمُسْتَقَرُّ) : أي الاستقرار ، أو موضع استقرار من جنة أو نار إلى مشيئته تعالى ، يدخل من شاء الجنة ، ويدخل من شاء النار. (بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) ، قال عبد الله وابن عباس : بما قدم في حياته وأخر من سنة يعمل بها بعده. وقال ابن عباس أيضا : بما قدم من المعاصي وأخر من الطاعات. وقال زيد بن أسلم : بما قدم من ماله لنفسه ، وبما أخر منه للوارث. وقال النخعي ومجاهد : بأول عمله وآخره. وقال الضحاك : بما قدم من فرض وأخر من فرض ؛ والظاهر حمله على العموم ، أي يخبره بكل ما قدم وكل ما أخر مما ذكره المفسرون ومما لم يذكروه. (بَصِيرَةٌ) : خبر عن الإنسان ، أي شاهد ، قاله قتادة ، والهاء للمبالغة. وقال الأخفش : هو كقولك : فلان عبرة وحجة. وقيل : أنث لأنه أراد جوارحه ، أي جوارحه على نفسه بصيرة. وقيل : بصيرة مبتدأ محذوف الموصوف ، أي عين بصيرة ، وعلى نفسه الخبر. والجملة في موضع خبر عن الإنسان ، والتقدير عين بصيرة ، وإليه ذهب الفراء وأنشد :
كأن على ذي العقل عينا بصيرة |
|
بمقعدة أو منظر هو ناظره |
يحاذر حتى يحسب الناس كلهم |
|
من الخوف لا تخفى عليهم سرائره |
وعلى هذا نختار أن تكون بصيرة فاعلا بالجار والمجرور ، وهو الخبر عن الإنسان. ألا ترى أنه قد اعتمد بوقوعه خبرا عن الإنسان؟ وعلى هذا فالتاء للتأنيث. وتأول ابن عباس البصيرة بالجوارح أو الملائكة الحفظة. والمعاذير عند الجمهور الأعذار ، فالمعنى : لو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه فإنه هو الشاهد عليها والحجة البينة عليها. وقيل : المعاذير جمع معذرة. وقال الزمخشري : قياس معذرة معاذر ، فالمعاذير ليس بجمع معذرة ، إنما هو اسم جمع لها ، ونحو المناكير في المنكر. انتهى. وليس هذا البناء من أبنية أسماء الجموع ، وإنما هو من أبنية جمع التكسير ، فهو كمذاكير وملاميح والمفرد منهما لمحة وذكر ؛ ولم يذهب أحد إلى أنهما من أسماء الجموع ، بل قيل : هما جمع للمحة وذكر على قياس ، أو هما جمع لمفرد لم ينطق به ، وهو مذكار وملمحة. وقال السدي والضحاك : المعاذير : الستور بلغة اليمن ، واحدها معذار ، وهو يمنع رؤية المحتجب كما تمنع المعذرة عقوبة الذنب. وقاله الزجاج أيضا ، أي وإن رمى مستورة يريد أن يخفي عمله ، فنفسه شاهدة عليه. وأنشدوا في أن المعاذير الستور قول الشاعر :
ولكنها ضنت بمنزل ساعة |
|
علينا وأطت فوقها بالمعاذر |
وقيل : البصيرة : الكاتبان يكتبان ما يكون من خير أو شر ، أي وإن تستر بالستور ؛ وإذا