فقال : (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي ليس لهم شيء من ذلك. (فَلْيَرْتَقُوا) : أي ألهم شيء من ذلك ، فليصعدوا ، (فِي الْأَسْبابِ) ، الموصلة إلى السماء ، والمعارج التي يتوصل بها إلى تدبير العالم ، فيضعون الرسالة فيمن اختاروا. ثم صغرهم وحقرهم ، فأخبر بما يؤول إليه أمرهم من الهزيمة والخيبة. قيل : وما زائدة ، ويجوز أن تكون صفة أريد به التعظيم على سبيل الهزء بهم ، أو التحقير ، لأن مال الصفة تستعمل على هذين المعنيين. و (هُنالِكَ) : ظرف مكان يشار به للبعيد. والظاهر أنه يشار به للمكان الذي تفاوضوا فيه مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بتلك الكلمات السابقة ، وهو مكة ، فيكون ذلك إخبارا بالغيب عن هزيمتهم بمكة يوم الفتح ، فالمعنى أنهم يصيرون مهزومين بمكة يوم الفتح. وقيل : (هُنالِكَ) ، إشارة إلى الارتقاء في الأسباب ، أي هؤلاء القوم إن راموا ذلك جند مهزوم. وقيل : أشير بهنالك إلى جملة الأصنام وعضدها ، أي هم جند مهزوم في هذه السبيل. وقال مجاهد ، وقتادة : الإشارة إلى يوم بدر ، وكان غيبا ، أعلم الله به على لسان رسوله. وقيل : الإشارة إلى حصر عام الخندق بالمدينة. وقال الزمخشري : وهنالك ، إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم : لمن يندبه لأمر ليس من أهله ، لست هنالك. انتهى. و (هُنالِكَ) ، يحتمل أن يكون في موضع الصفة لجند ، أي كائن هنالك ؛ ويحتمل أن يكون متعلقا بمهزوم ، وجند خبر مبتدأ محذوف ، أي هم جند ، ومهزوم خبره. وقال أبو البقاء : جند مبتدأ ، وما زائدة ، وهنالك نعت ، ومهزوم الخبر. انتهى. وفيه بعد لفصله عن الكلام الذي قبله. ومعنى (مِنَ الْأَحْزابِ) : من جملة الأحزاب الذين تعصبوا في الباطل وكذبوا الرسل. ولما ذكر تعالى أنه أهلك قبل قريش قرونا كثيرة لما كذبوا رسلهم ، سرد منهم هنا من له تعلق بعرفانه. و (ذُو الْأَوْتادِ) : أي صاحب الأوتاد ، وأصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده. قال الأفوه العوذي :
والبيت لا يبتنى إلا على عمد |
|
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد |
فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر ، كما قال الأسود :
في ظل ملك ثابت الأوتاد
قاله الزمخشري ، وأخذه من كلام غيره. وقال ابن عباس ، وقتادة ، وعطاء : كانت له أوتاد وخشب يلعب بها وعليها. وقال السدي : كان يقتل الناس بالأوتاد ، ويسمرهم في الأرض بها. وقال الضحاك : أراد المباني العظيمة الثابتة. وقيل : عبارة عن كثرة أخبيته