الفلك. وقيل : يعود على معلوم غير مذكور وتقديره : من مثل ما ذكرنا من المخلوقات في قوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) (١) ، كما قالوا : في قوله (مِنْ ثَمَرِهِ) ، أي من ثمر ما ذكرنا. وقرأ الحسن : نغرقهم مشددا ؛ والجمهور : مخففا ؛ والصريخ : فعيل بمعنى صارخ : أي مستغيث ، وبمعنى مصرخ : أي مغيث ، وهذا معناه هنا ، أي فلا مغيث لهم ولا معين. وقال الزمخشري : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) : أي فلا إغاثة لهم. انتهى. كأنه جعله مصدرا من أفعل ، ويحتاج إلى نقل أن صريخا يكون مصدرا بمعنى صراخ. والظاهر أن قوله : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) : أي لا مغيث لهؤلاء الذين شاء الله إغراقهم ، (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) : أي ينجون من الموت بالغرق. نفى أولا الصريخ ، وهو خاص ؛ ثم نفى ثانيا إنقاذهم بصريخ أو غيره. وقال ابن عطية : وقوله (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) استئناف إخبار عن المسافرين في البحر ، ناجين كانوا أو مغرقين ، فهم في هذه الحال لا نجاة لهم إلا برحمة الله. وليس قوله : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) مربوطا بالمغرقين ، وقد يصح ربطه به ، والأول أحسن فتأمله. انتهى ، وليس بحسن ولا أحسن. والفاء في (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) تعلق الجملة بما قبلها تعليقا واضحا ، وترتبط به ربطا لائحا. والخلاص من العذاب بما يدفعه من أصله ، فنفى بقوله : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) ، وما يرفعه بعد وقوعه ، فنفى بقوله : (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ). وانتصب (رَحْمَةً) على الاستثناء المفرغ للمفعول من أجله ، أي لرحمة منا. وقال الكسائي ، والزجاج : (إِلى حِينٍ) : أي إلى حين الموت ، قاله قتادة. وقال الزمخشري : إما لرحمة منا ، وليتمتع بالحياة إلى حين : أي إلى أجل يموتون فيه لا بد لهم منه بعد النجاة من موت الغرق. انتهى. وإنما قال : لا بد لهم من موت الغرق ، لأنه تعالى قال (وَإِنْ نَشَأْ) : أي إغراقهم ، (نُغْرِقْهُمْ) : فمن شاء إغراقه لا بد أن يموت بالغرق. والظاهر أن (رَحْمَةً) ، (وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) يكون للذين ينقذون ، فلا يفيد الدوام ، بل ينقذه الله رحمة له ويمتعه إلى حين ثم يميته. وقيل : فيه تقسيم ، إلا رحمة لمن علم أنه يؤمن فينقذه الله رحمة ، ومن علم أنه لا يؤمن يمنعه زمانا ويزداد إثما.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ، وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ، وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ، فَلا
__________________
(١) سورة يس : ٣٦ / ٣٦.