أوعده به من عذابه. وقيل : في الخلوة حيث لا يراه أحد ، فيكون حالا من الفاعل. وقرن بالخشية الرحمن بناء على الخاشي ، حيث علم أنه واسع الرحمة ، وهو مع ذلك يخشاه.
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ) : أي سالمين من العذاب ، أو مسلما عليكم من الله وملائكته. (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) : كقوله : (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) (١) : أي مقدرين الخلود ، وهو معادل لقوله في الكفار : (ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ). (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) : أي ما تعلقت به مشيئاتهم من أنواع الملاذ والكرامات ، كقوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) (٢). (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) : زيادة ، أو شيء مزيد على ما تشاءون ، ونحوه : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (٣) ، وكما جاء في الحديث : «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ما اطلعتهم عليه» ، ومزيد مبهم ، فقيل : مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها. وقيل : أزواج من حور الجنة. وقيل : تجلى الله تعالى لهم حتى يرونه.
قوله عزوجل : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ، وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ، فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ ، وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ ، يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ، إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ، يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ).
أي كثيرا. (أَهْلَكْنا) : أي قبل قريش. (هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً) ، لكثرة قوتهم وأموالهم. وقرأ الجمهور : (فَنَقَّبُوا) ، بفتح القاف مشددة ، والظاهر أن الضمير في نقبوا عائد على كم ، أي دخلوا البلاد من أنقابها. والمعنى : طافوا في البلاد. وقيل : نقروا وبحثوا ، والتنقيب : التنقير والبحث. قال امرؤ القيس في معنى التطواف :
وقد نقبت في الآفاق حتى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب |
وروي : وقد طوفت. وقال الحارث بن خلدة :
نقبوا في البلاد من حذر المو |
|
ت وجالوا في الأرض كل مجال |
__________________
(١) سورة الزمر : ٣٩ / ٧٣.
(٢) سورة فصلت : ٤١ / ٣١.
(٣) سورة السجدة : ٣٢ / ١٧.