هؤلاء الأعاجم العربية بعد اعتناقهم الإسلام وخدمتهم له ، وبذلك أصبحت النسبة إلى المدن والأقاليم في خراسان وما وراء النهر تشمل العرب والأعاجم ولا يميّز بينهما إلا التأكيد على ذكر العشيرة التي ينتمي إليها الفرد ، علما بأن كثيرا من الأعاجم نسبوا إلى العشائر العربية بالولاء.
ولما أسّس أبو جعفر المنصور بغداد أوطنها كثيرا من أهل خراسان ، وكانت قطائعهم بأسماء المدن التي جاءوا منها وبأسماء رؤسائهم. ويتبين من دراسة خطط بغداد أن أصحاب القطائع الخراسانيين كانوا من مرو ، ومرو الروذ ، وبلخ ، وخوارزم ، وفارياب ، وبغشور ، وأهل ما وراء النهر من البخارية ، والصغد ، والصامغان ، والفارياب ، والفراغنة (١).
وتطلبت تطورات الأحوال أن يستخدم العباسيون في جيشهم رجالا من غير الخراسانيين ، وتكشف دراسة خطط بغداد أن المنصور وضع أكثر من قطائع لقادة عرب من غير أهل خراسان ، كما كان في الجيش حتى زمن الأمين مجموعات من الأبناء ، والأفارقة ، والأعراب ، والأتراك.
أصيب الجيش العباسي في بغداد بضربة قاصمة عندما اندحر قائدة علي بن عيسى بن ماهان وتشتت جيشه ، واعتمد الأمين في دفاعه عن بغداد على قوات «الميليشيا» من الأهالي الذين استطاعوا الدفاع عن مدينتهم بوجه قوات المأمون ، ولم يفلح طاهر بن الحسين بالقضاء على الأمين إلا بعد لجوئه إلى الحصار الاقتصادي.
ولا بدّ أن عددا من هؤلاء الترك قد شغلوا مناصب في إدارة الدولة ، وذكرت المصادر منهم حماد التركي ، الذي كان من المقربين في بلاط المنصور (٢) وولاه المدائن (٣) ، ثم تعديل السواد (٤) ، وهو عمل يتطلب اطّلاعا على أحوال الإدارة المالية ودواوينها.
__________________
(١) انظر تفاصيل أوفى في كتابنا «بغداد مدينة السلام».
(٢) الطبري ٣ / ٢٧٦ ، ٢٤٩ ، ٤٤٣.
(٣) أنساب الأشراف ٣ / ٢٦٤.
(٤) الوزراء للجهشياري ١٣٤.