في السياسة غير إبراهيم بن المهدي الذي طلب المأمون امتحانه وقد بلغت أمير المؤمنين عنه بوالغ (١) ، وهذا يشير إلى أن إبراهيم بن المهدي ساهم في نشاط سياسي ، ولعله ممن ذكر المأمون أنهم أيدوا العامة لأطماع سياسية من شأنها أن تضعضع سيطرة الخليفة على العامة.
نقل طيفور كتابا لاحقا أرسله إلى إسحاق بن إبراهيم أوضح فيه القضية التي يهتم بمعالجتها وهي خلق القرآن. وذكر عمن لا يراهم جهلة عظمهم قولهم في القرآن في دينهم ، والحرج في أمانتهم وسهلوا السبيل لعدو الإسلام ، واعترفوا بالتبديل والإلحاد على قلوبهم حتى عرّفوا ووصفوا خلق الله وفعله بالصفة التي هي لله وحده ، وشبّهوه به ، والاشتباه أولى بخلقه ، وليس يرى أمير المؤمنين لمن قال بهذه المقالة حظا في الدين ، ولا نصيبا من الأيمان واليقين ، ولا يرى أن يحل أحدا منهم محل الثقة في أمانة ، ولا عدالة ولا شهادة ولا صدق في قول ولا حكاية ، ولا تولية لشيء من أمر الرعية. ومن كان جاهلا بأمر دينه الذي أمره الله به من وحدانيته فهو بما سواه أعظم جهلا ، وعن الرشد في غيره أعمى وأضلّ سبيلا (٢).
إن المأمون يعيد وصف من يهاجمهم بأنهم «جهلة» لأنهم يرون في القرآن آراء خاصة ، فهو يذكر أن خطرهم متأت من نشر هذه الأفكار ، وليس من دور سياسي تقوم عليه أفكارهم لا يعارضون مكانة الخلافة ودورها في الإدارة ، وإنما يعنون بالعقائد فحسب. وهو يبين خطر أفكارهم في الانتقاص من مكانته تعالى لأن أفكارهم تقود إلى التجسيم ، مما يسهل السبيل لعدو الإسلام. ويرى أن تنزع الثقة ممن يحمل هذه الآراء ، ولا يولّى شيئا من أمر الرعية.
طبيعة المحنة :
استوعب فهمي جدعان في كتابه القيّم «المحنة» تاريخ فكرة خلق القرآن
__________________
(١) الطبري ٣ / ١١٢٧.
(٢) طيفور ١٨٩ ـ ١٩٠.