قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأمان من أخطار الأسفار والأزمان

57/266
*

الفصل الرابع

البحث عن المكان واختيار الرقعة

تميّزت سامرّاء بكونها مدينة واسعة امتد العمران فيها ثمانية فراسخ (حوالى ثلاثين كيلومترا) وتخلل ذلك فراغات واسعة وميادين متعددة ، وقام ازدهارها على إقامة ثمانية خلفاء فيها ثماني وخمسين سنة (٢٢١ ـ ٢٧٩). فلما انتقلوا منها تدهورت أحوالها بسرعة ولكن لم يقض عليها فظلت مركزا لسكّ النقود منذ تأسيسها سنة ٢٢٣ إلى سنة ٣٣٣ ؛ ما عدا سنوات قليلة متفرقة لم يعثر خلالها على نقود مسكوكة فيها وترجع بعض أسباب المكانة المتواضعة التي احتفظت بها إلى أنه كان فيها مدفنا علي الهادي والحسن العسكري اللذين لهما مكانة عند الشيعة.

غرض الخلفاء من تأسيس المدن :

شيد العرب منذ أوائل تكوين دولتهم مدنا كان لأغراض إنشائها أثر في تنظيمها ، فقد شيّدوا ، منذ زمن الخليفة عمر بن الخطاب ، أمصارا ليسكنها المقاتلة العرب ولتكون مراكز قواتهم العسكرية العاملة في حفظ الأمن والإدارة ، وتوسيع الدولة. واتخذ بعض الخلفاء الأمويين مراكز متفرقة في البادية وأطراف العمران للإقامة فيها ترويحا للنفس ، ويمكن أن نضع في هذا الصنف مدينة الزهراء التي شيدها الخليفة الناصر في الأندلس في القرن الرابع الهجري.

إن المراكز التي شيدها العرب كانت لإقامة المقاتلة من أجل أداء عملهم في صد غزوات أعداء الدولة من خارجها أو القيام بحملات منها على أولئك الأعداء. ومن أمثلة هذه المراكز مدن الثغور في الأطراف المحاذية لبلاد الروم في بلاد الشام والجزيرة وكذلك عدد من المدن في خراسان (١).

__________________

(١) انظر كتابنا «امتداد العرب في المشرق» ؛ وانظر دراستنا عن أهل القيروان المنشورة في مجلة «المنارة» التي تصدرها جامعة آل البيت.