وفوّض الأمر بعده
إلى ابن أخيه ، وكان جماعة من الأمراء الذين كانوا مع أسد الدّين قد تطاولوا إلى
الوزارة ، منهم : عين الدّولة بن ياروق ، وسيف الدّين المشطوب ، وشهاب الدّين
محمود الحارميّ ـ خال السّلطان صلاح الدّين ـ وقطب الدّين ينال بن حسّان.
فأرسل العاضد إلى
صلاح الدّين ، وأحضره عنده ، وولّاه الوزارة بعد عمّه ، وخلع عليه ، ولقّبه بالملك
النّاصر ، فاستتبّت أحواله ، وبذل المال ، وتاب عن شرب الخمر ، وأخذ في الجدّ
والتشمير في أموره كلّها ، وكان الفقيه عيسى الهكّاري معه ، فميّل الأمراء الذين
كانوا قد طمعوا بالوزارة إلى الانقياد إليه ، فأجابوا سوى عين الدّولة بن ياروق ،
فإنّه امتنع ، وعاد إلى نور الدّين إلى الشّام.
فاستمرّ الملك
الناصر بالدّيار المصريّة وزيرا ، وهو نائب عن نور الدّين ، وكان إذا كتب إليه
كتابا يكتب : «الأمير الاسفهسلار ، وكافّة الأمراء بالدّيار المصريّة يفعلون كذا».
وتكتب العلامة على رأس الكتاب ، ولا يذكر اسمه.
وسيّر الملك
النّاصر ، وطلب أباه نجم الدّين وأهله ، فسيّرهم نور الدّين إليه مع عسكر ، واجتمع
معهم من التّجّار خلق عظيم ، وذلك في سنة خمس وستّين.
وخاف نور الدّين عليهم
من الفرنج ، فسار في عساكره إلى الكرك فحصره ونصب عليه المجانيق ، فتجمّع الفرنج ،
وساروا إليه وتقدّمهم ابن