جبيل ، ومقدّم الداويّة ، ومقدّم الاسبتار ، وأمم لا يقع عليها الإحصاء ، حتى كان الرّجل المسلم يقتاد منهم عشرين فرنجيا ، في حلقهم حبل.
وأسروا من المصافّ ، ومن بلاد الفرنج أكثر من ثلاثين ألفا من الفرنج ، ما بين رجل ، وامرأة ، وصبيّ ، وقتل من المقدّمين وغيرهم خلق لا يحصى ؛ ولم يجر على الفرنج منذ خرجوا إلى السّاحل مثل هذه الوقعة.
وكان من جملة الغنيمة في يوم المصاف صليب الصّلبوت ، وهو قطعة خشب مغلّفة بالذّهب ، مرصّعة بالجوهر ، يزعمون أنّ ربّهم صلب عليها ، وضربت في يديه المسامير ، أحضروه معهم المصاف تبرّكا به ، ورفعوه على رمح عال.
فأمّا مقدّم الداويّة والاسبتار ، فاختار السّلطان قتلهم فقتلوا ، وأما الملك «كي» ، فإنّه أكرمه ، وجلس له في دهليز الخمية ، واستحضره ، وأحضر معه «البرنس أرناط» ، وناول الملك «كي» شربة من جلّاب بثلج ، فشرب منها وكان على أشدّ حال من العطش ، ثم ناول الملك بعضها «ابرنس أرناط» ، فقال السّلطان للتّرجمان : «قل للملك : أنت الّذي سقيته ، وإلّا ما سقيته أنا». وأراد بذلك عادة العرب أنّ الأسير إذا أكل أو شرب ممّن أسره أمن.
وكان السّلطان قد نذر مرّتين إن أظفره الله به أن يقتله : إحداهما لما أراد المسير إلى مكّة والمدينة ، وبعثرة قبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمرّة الأخرى أنّ السّلطان كان قد هادنه ، وتحالفا على أمن القوافل