قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

زبدة الحلب من تاريخ حلب [ ج ٢ ]

زبدة الحلب من تاريخ حلب [ ج ٢ ]

132/391
*

وحضرني حكاية جرت لشيخ الشيوخ مع «محيي الدّين» ، في هذه السّفرة ، وذلك أن شيخ الشيوخ كان قد وصل إلى السّلطان «الملك النّاصر» ، وهو محاصر للموصل ، ليصلح بينه وبين عزّ الدّين ، في المحاصرة الأولى ، فلم يتّفق الصلح ، واتّهم أهل الموصل شيخ الشّيوخ بالميل مع «الملك النّاصر» ، فعمل محيي الدّين فيه أبياتا منها :

بعثت رسولا أم بعثت محرّضا

على القتل تستجلي القتال وتستحلي؟

وقال فيها مخاطبا للإمام النّاصر :

فلا تغترر منه بفضل تنمّس

فما هكذا كان «الجنيد» ولا «الشّبلي»(١)

فبلغت الأبيات شيخ الشيوخ.

فلما اجتمعا في هذه السفرة وتباسطا ، قال له شيخ الشيوخ : «كيف تلك الأبيات التي عملتها فيّ؟» فغالطه عنها ، فأقسم عليه بالله أن ينشده إيّاها ، فذكرها له ، حتى أنشده البيت الذي ذكرناه أوّلا ، فقال : «والله لقد ظلمتني ، وانني والله ، اجتهدت في الاصلاح فما اتّفق» فأنشده تمامها ، حتى بلغ إلى قوله : «فما هكذا كان الجنيد ولا الشّبلي» فقال : «والله لقد صدقت ، فما هكذا كان الجنيد ولا الشّبلي ، أدور على أبواب الملوك من باب هذا إلى باب هذا».

ثمّ إنّ الرّسل ساروا عن غير زبدة ، وتوجّه الملك العادل من حلب في ذي الحجّة ، وعيّد عند أخيه بدمشق ، ثم عاد إلى حلب.

__________________

(١) من أشهر أئمة الصوفية.