والخطاب للأولياء ، والمفعول الثاني محذوف ، التقدير : ولا تنكحوا المشركين المؤمنات. وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه ما ، والنهي هنا للتحريم ، وقد استدل بهذا الخطاب على الولاية في النكاح وأن ذلك نص فيها.
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) : الكلام في هذه الجملة كالكلام في الجملة التي قبلها ، والخلاف في المراد بالعبد : أهو بمعنى الرقيق أم بمعنى الرجل؟ كهو في الأمة هناك ، وهل المعنى : خير من حر مشرك ، حتى يقابل العبد؟ أو من مشرك على الإطلاق فيشمل العبد والحر ، كما هو في قوله : خير من مشركة؟
(أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) هذه إشارة إلى الصنفين ، المشركات والمشركين ، و : يدعون ، يحتمل أن يكون الدعاء بالقول ، كقول : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا) (١) ويحتمل أن لا يكون القول ، بل بسبب المحبة والمخالطة تسرق إليه من طباع الكفار ما يحمله على الموافقة لهم في دينهم ، والعياذ بالله ، فتكون من أهل النار.
وقيل : معناه يدعون إلى ترك المحاربة والقتال ، وفي تركهما وجوب استحقاق النار ، وتفرق صاحب هذا التأويل بين الذمّية وغيرها ، فإن الذمّية لا يحمل زوجها على المقاتلة.
وقيل : المعنى أن الولد الذي يحدث ربما دعاه الكافر إلى الكفر فيوافق ، فيكون من أهل النار ، والذي يدل عليه ظاهر الآية : أن الكفار يدعون إلى النار قطعا ، إما بالقول. واما أن تؤدي إليه الخلطة ، والتآلف والتناكح ، والمعنى : أن من كان داعيا إلى النار يجب اجتنابه لئلا يستميل بدعائه دائما معاشره فيجيبه إلى ما دعاه ، فيهلك.
وفي هذه الآية تنبيه على العلة المانعة من المناكحة في الكفار ، لما هم عليه من الالتباس بالمحرّمات من : الخمر والخنزير ، والانغماس في القاذورات ، وتربية النسل وسرقة الطباع من طباعهم ، وغير ذلك مما لا تعادل فيه شهوة النكاح في بعض ما هم عليه ، وإذا نظر إلى هذه العلة فهي موجودة في كل كافر وكافرة فتقتضي المنع من المناكحة مطلقا. وسيأتي الكلام في سورة المائدة إن شاء الله تعالى ، ونبدي هناك ان شاء الله كونها
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٣٥.