أكرّ عليهم دعلجا ولبانه
لأن الإفساد شامل يدخل تحته إهلاك الحرث والنسل ، ولكنه خصهما بالذكر لأنهما أعظم ما يحتاج إليه في عمارة الدنيا ، فكان إفسادهما غاية الإفساد.
من فسر الإفساد بالتخريب ، جعل هذا من باب التفصيل بعد الإجمال.
و : يهلك الحرث والنسل ، تقدم ذكر الحرث في قوله : (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) (١) وتقدم ذكر النسل في الكلام على المفردات ، وعلى ما تقدم من أن الآية في الأخنس ، يكون الحرث الزرع ، والنسل الحمر التي قتلها ، فيكون النسل المراد به الدواب ذوات النسل. وقيل : المراد هنا بالحرث هنا النساء ، وبالنسل الأولاد ، وقال تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) (٢) وذكره ابن عطية عن الزجاج احتمالا ، فيكون من الكناية ، وهو من ضروب البيان.
وقرأ الجمهور : ويهلك ، من أهلك. عطفا على : ليفسد ، وقرأ أبي : وليهلك ، بإظهار لام العلة ، وقرأ قوم : ويهلك ، من أهلك ، وبرفع الكاف. وخرج على أن يكون عطفا على قوله : يعجبك ، أو على : سعى ، لأنه في معنى : يسعى ، وأما على الاستئناف ، أو على إضمار مبتدأ ، أي : وهو يهلك.
وقرأ الحسن ، وابن أبي إسحاق ، وأبو حيوة ، وابن محيصن : ويهلك من هلك ، وبرفع الكاف ، والحرث والنسل على الفاعلية ، وكذلك رواه حماد بن سلمة عن ابن كثير ، وعبد الوارث عن أبي عمرو ، وحكى المهدوي أن الذي رواه حماد عن ابن كثير ، إنما هو : ويهلك من أهلك ، وبضم الكاف ، الحرث بالنصب.
وقرأ قوم : ويهلك من هلك ، وبفتح اللام ، ورفع الكاف ورفع الحرث ، وهي لغة شاذة نحو : ركن يركن ، ونسب هذه القراءة إلى الحسن الزمخشري.
قال الزمخشري : وروي عنه ، يعنى عن الحسن ، ويهلك مبنيا للمفعول ، فيكون في هذه اللفظة ست قراءات : ويهلك وليهلك ويهلك ، وما بعد هذه الثلاثة منصوب ، لأن في الفعل ضمير الفاعل ، ويهلك ويهلك ويهلك ، وما بعد هذه الثلاثة مرفوع بالفعل ، وهذه
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٧١.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٣.