بذلك ، لأن الآية جاءت في سياق ما قبلها ، فدخل فيها ما قبلها دخولا لا يمكن أن يخرج منها ، وفي (المنتخب) (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) كاف عن قوله : (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وإنما كرر توكيدا. انتهى.
وقرأ أبو جعفر ، ويحيى بن وثاب ، وابن هرمذ ، وعيسى بن عمر : اليسر والعسر ، بضم السين فيهما ، والباقون بالإسكان.
(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) : قرأ أبو بكر ، وأبو عمرو بخلاف عنهما ، وروي : مشدد الميم مفتوح الكاف ، والباقون بالتخفيف وإسكان الكاف ، وفي اللام أقوال.
الأول : قال ابن عطية : هي اللام الداخلة على المفعول ، كالتي في قولك : ضربت لزيد ، المعنى ، ويريد إكمال العدة ، وهي مع الفعل مقدرة بأن ، كأن الكلام : ويريد لأن تكلموا العدة ، هذا قول البصريين ، ونحوه ، قول أبي صخر.
أريد لأنسى ذكرها فكأنما |
|
تخيل لي ليلى بكل طريق |
انتهى كلامه. وهو كما جوّزه الزمخشري. قال : كأنه قيل : يريد الله بكم اليسر ، ويريد لتكملوا ، لقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا) (١) وفي كلامه أنه معطوف على اليسر ، وملخص هذا القول : أن اللام جاءت في المفعول المؤخر عن الفعل ، وهو مما نصوا على أنه قليل ، أو ضرورة ، لكن يحسن ذلك هنا ، بعده عن الفعل بالفصل ، فكأنه لما أخذ الفعل مفعوله ، وهو : اليسر ، وفصل بينهما بجملة وهي : ولا يريد بكم العسر ، بعد الفعل عن اقتضائه ، فقوي باللام ، كحاله إذا تقدم فقلت لزيد ضربت ، لأنه بالتقدم وتأخر العامل ضعف العامل عن الوصول إليه ، فقوي باللام ، إذ أصل العامل أن يتقدم ، وأصل المعمول أن يتأخر عنه ، لكن في هذا القول إضمار إن بعد اللام الزائدة ، وفيه بعد. وفي كلام ابن عطية تتبع ، وهو في قوله : وهي ، يعني باللام مع الفعل ، يعني تكملوا مقدرة بأن ، وليس كذلك ، بل أن مضمرة بعدها واللام حرف جر ، ويبين ذلك أنه قال : كأن الكلام : ويريد لأن تكملوا العدة ، فأظهر أن بعد اللام ، فتصحيح لفظه أن تقول : وهي مع الفعل مقدران بعدها ، وقوله : هذا قول البصريين ونحوه ، قول أبي صخر :
__________________
(١) سورة الصف : ٦١ / ٨.