يا أبا موسى ، الذنب لغيرك الذي قدّمك في هذا المقام ، فقال أبو موسى : رحمك الله غدرني (١) فما أصنع؟ وقال أبو موسى لعمرو : إنّما مثلك كالكلب (إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)(٢) فقال عمرو : إنّما مثلك مثل (الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)(٣).
فقال ابن عمر : إلى ما صيّرت هذه الأمة؟ إلى رجل لا يبالي ما صنع وآخر ضعيف.
وقال عبد الرّحمن بن أبي بكر : لو مات الأشعري من قبل هذا كان خيرا له.
قال (٤) : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني مفضّل بن فضالة عن يزيد بن أبي حبيب.
ح قال : وحدّثني عبد الله بن جعفر عن (٥) عبد الواحد بن أبي عون ، قالا :
لما صار الأمر في يدي معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ما عاش ، ورأى عمرو أنّ الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه وسعيه فيه ، وظنّ أن معاوية سيزيده الشام مع مصر ، فلم يفعل معاوية ، فتنكّر عمرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا ، وتميّز الناس وظنوا أنه لا يجتمع أمرهما ، فدخل بينهما معاوية بن حديج ، فأصلح أمرهما ، وكتب بينهما كتابا وشرط فيه شروطا لمعاوية وعمرو خاصة وللناس عامة ، وإنّ لعمرو ولاية مصر سبع سنين ، وعلى أن على عمرو السمع والطاعة لمعاوية ، وتواثقا وتعاهدا على ذلك ، وأشهدا عليهما به شهودا ، ثم مضى عمرو بن العاص على مصر واليا عليها ، وذلك في آخر سنة تسع وثلاثين ، فو الله ما مكث بها إلّا سنتين أو ثلاثا حتى مات.
كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العبّاس ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسين (٦) ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما ، قالا : أنا أبو بكر الباطرقاني ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : وأنبأني أبو عمرو بن مندة عن أبيه ، قال : أنا أبو سعيد بن يونس ، حدّثني سلامة بن عمر المرادي ، نا إسماعيل بن الفتح الصّدفي ، أنا أصبغ بن عبد العزيز المهدي ، نا يعقوب بن عمرو بن كعب المعافري ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أنه سمعه يقول : ـ وذكر معاوية ـ والله لأبي أقدم صحبة ، وكان أحبّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولكن كرهنا الفرقة.
__________________
(١) الأصل وم : عذرني ، والمثبت عن ابن سعد.
(٢) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٦ وفي التنزيل العزيز : أو تتركه.
(٣) سورة الجمعة ، الآية : ٥.
(٤) القائل : محمد بن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٤ / ٢٥٨.
(٥) الأصل وم : بن ، والمثبت عن ابن سعد.
(٦) في م : الحسن.