وأصحابه ، فلمّا رأيته قلت لصاحبي ـ وفي حديث أبي العباس : لأصحابي ـ هذا رسول محمّد ، لو قد أدخلت هداياه سألته أن يعطينيه فأضرب عنقه ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أنّي قد أجزأت عنها ، حين قتلت رسول محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا أدخلت عليه الهدايا ـ وفي حديث أبي العباس : فلما دخلت عليه ـ قال : مرحبا وأهلا بصديقي ، هل أهديت لي شيئا؟ فقلت : نعم ، فقرّبت إليه الهدايا ، فلمّا تعجّب لها وأخذها قلت : أيها الملك إنّي قد رأيت رسول محمّد دخل عليك وهو رجل قد وترنا ، وقتل أشرافنا وخيارنا ، فأعطنيه أضرب عنقه ، فغضب أشدّ غضب خلقه الله ، ثم رفع يده يضرب بها أنف نفسه ضربة ، ظننت ـ وقال أبو العباس : فظننت ـ أنه قد كسره ، فلو انشقت الأرض دخلت فيها ، فقلت : أيها الملك لو ظننت أنك تكره هذا لم أسألكه ـ وفي حديث أبي العباس : لم أسألك ـ فقال : تسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الذي كان يأتي موسى الناموس الأكبر تقتله ، وقال أبو العباس : حتى تقتله ـ فقلت : أيها الملك ، وإنّ ذلك لكذلك؟ قال : نعم والله ، ويحك يا عمرو إنّي لك ناصح ، فاتّبعه وأسلم معه ، فالله ليظهرنّ هو ومن معه على من خالفهم ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده ، قلت : أيها الملك فبايعني أنت له على الإسلام ، فقال : نعم ، فبسط يده فبايعته لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على الإسلام ، ثم زاد أبو العباس : إنّي ، وقالا ـ خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي ، فقالوا : ما وراءك؟ فقلت : خير ، فلما أمسيت جلست على راحلتي وانطلقت وتركتهم فو الله إنّي لأهوي إذ لقيت خالد بن الوليد فقلت له : أين يا أبا سليمان؟ فقال : أذهب ـ والله ـ أسلم ، إنّه والله قد استقام الميسم (١) إن الرجل لنبي ما أشك فيه ، فقلت : وأنا والله ما جئت إلّا مسلم (٢) ، فقدمنا ـ وقال أبو العباس : ما جئت إلّا لأني أسلم قال : فقدمنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فتقدم خالد فبايع ، ثم تقدّمت فقلت : يا رسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولم أذكر ما تأخر ، فقال لي : «يا عمرو بايع ، فإنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله ، وإنّ الهجرة تجبّ ما كان قبلها» [٩٩٩٦].
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأ عبد الوهّاب بن أبي حيّة ، نا محمّد بن شجاع البلخي ، ثنا محمّد بن عمر الواقدي (٣) ، نا
__________________
(١) بدون إعجام بالأصل ، وفي «ز» : الميسم ، والمثبت عن دلائل النبوة ، وقد تقدم قريبا شرحها.
(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» : «إلّا مسلما» وفي دلائل النبوة : إلّا لأني مسلم. وكلاهما يصح ، والذي بالأصل خطأ واضح.
(٣) رواه الواقدي في مغازيه ٢ / ٧٤١ وما بعدها ، وابن كثير في البداية والنهاية ٤ / ٢٣٦.