راض ، ولم يختلف في خلافتك اثنان ، وقتلت شهيدا ، فقال : أعد عليّ ، فأعدت عليه ، فقال : والله الذي لا إله إلّا هو ، لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عبيد ، والفضل بن دكين قالا : نا هارون بن أبي إبراهيم عن عبد الله بن عبيد بن عمير.
أن عمر بن الخطّاب لما طعن (٢) قال له الناس : يا أمير المؤمنين لو شربت شربة ، فقال : اسقوني نبيذا ، وكان من أحبّ الشراب إليه ، قال : فخرج النبيذ من جرحه مع صديد الدم ، فلم يتبيّن (٣) لهم ذلك أنه شرابه الذي شرب فقالوا : لو شربت لبنا ، فأتي به ، فلمّا شرب اللبن خرج من جرحه ، فلما رأى بياضه بكى وأبكى من حوله من أصحابه ، فقال : هذا حين ، لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع ، قالوا : وما أبكاك إلّا هذا؟ قال : ما أبكاني غيره ، قال : فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين ، والله إن كان إسلامك لنصرا ، وإن كانت إمارتك (٤) لفتحا ، والله لقد ملأت الأرض عدلا ما من اثنين يختصمان إليك إلّا انتهيا إلى قولك ، قال : فقال عمر : أجلسوني ، فلما جلس قال لابن عبّاس : أعد عليّ كلامك ، فلما أعاد عليه قال (٥) : قال : أتشهد لي بهذا (٦) عند الله يوم تلقاه؟ فقال ابن عبّاس : نعم ، قال : ففرح عمر بذلك وأعجبه.
قال : وأنا ابن سعد (٧) ، أنا هوذة بن خليفة ، نا ابن عون عن محمّد بن سيرين قال :
لما طعن عمر جعل الناس يدخلون عليه فقال لرجل : انظر فأدخل يده فنظر ، فقال : ما وجدت؟ فقال : إنّي أجده قد بقي لك من وتينك ما تقضي فيه (٨) حاجتك ، قال : أنت خيرهم (٩) ، وأصدقهم ، قال : فقال رجل : والله إنّي لأرجو أن لا تمسّ النار جلدك (١٠) ، قال : فنظر إليه حتى رثينا ـ أو أوينا ـ له ثم قال : إنّ علمك بذلك يا ابن فلان لقليل ، لو أنّ لي ما في الأرض لي لافتديت به من هول المطّلع.
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٣٥٤.
(٢) اللفظة استدركت على هامش «ز».
(٣) بالأصل وم : يبين ، والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي ابن سعد : إمامتك.
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» : قال : قال.
(٦) في ابن سعد : «بذلك» وفي م و «ز» ، كالأصل : بهذا.
(٧) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٣٥٢.
(٨) في ابن سعد : منه.
(٩) في ابن سعد : أنت أصدقهم وخيرهم.
(١٠) كذا بالأصل وم و «ز» ، «جلدك أبدا».