بكر بعده ، فأحسنت صحبته ، وفارقك وهو عنك راض ، ثم صحبت المسلمين من بعدهما ، فأحسنت صحبتهم فتفارقهم ـ إن شاء الله إن فارقتهم ـ وهم عنك راضون ، قال : أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنّما كان ذلك منّا من الله منّ به عليّ ، وإنّ الذي جرى من صحبتكم فلو أنّ لي ما على الأرض من شيء لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه.
أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، وأبو القاسم الشّحّامي ، قالا : أنا أبو سعد الأديب ، أنا محمّد بن بشر بن العبّاس ، أنا أبو لبيد محمّد بن إدريس ، نا سويد بن سعيد ، نا علي بن مسهر ، عن داود ـ هو ابن أبي هند ـ عن الشعبي قال :
دخل ابن عبّاس على عمر حين طعن فقال : أبشر بالجنّة ، اللهمّ أسلمت حين كفر الناس ، وجاهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين خذله الناس ، وتوفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنك راض ، ولم يختلف في خلافتك اثنان ، وقتلت شهيدا ، فرفع رأسه إليه فقال : كيف قلت؟ أعد عليّ ، فأعاد عليه ، ثم قال : أما والله إنّ المغرور لمن غررتموه ، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء لافتديت به من هول المطلع (١).
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن هبة الله ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا إسحاق بن إسماعيل ، أنا جرير ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي قال :
لما شرب عمر اللبن فخرج من طعنته قال : الله أكبر ، وعنده رجال يثنون عليه ، فنظر إليهم فقال : إنّ من غررتموه لمغرور ، لوددت أنّي خرجت منها كما دخلت فيها ، لو كان لي اليوم ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع.
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، نا إسحاق ، نا جرير ، عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال :
لما طعن عمر دخل عليه رجل شاب ، فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله ، قد كان لك من القدم في الإسلام ، والصحبة مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قد علمت ، ثم استخلفت فعدلت ، ثم الشهادة ، فقال : يا ابن أخي لوددت أنّي تركت كفافا لا علي ولا لي.
قال : ونا ابن أبي الدّنيا ، حدّثني الحسن بن الصّبّاح ، نا شبابة بن سوّار ، حدّثني المبارك بن فضالة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال :
__________________
(١) بعدها في م و «ز» : آخر الجزء السبعين بعد الثلاثمائة من الأصل وهو آخر المجلد السابع والثلاثين.