قال : فعاد فيه ابن عباس قال : فقال عمر : أما والله على ما تقول لو أن طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع (١) ، فجعلها شورى في ستة : علي ، وعثمان بن عفّان ، والزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيد الله ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقّاص ، وجعل عبد الله بن عمر معهم ، وليس منهم ، قال : وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ، وأجّلهم ثلاثا.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا أبو حامد بن الشّرقي ، نا محمّد بن يحيى الذهلي ، نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد (٢) ، نا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب قال :
كان عمر بن الخطّاب لا يأذن لسبيّ قد احتلم في دخول المدينة ، حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا (٣) ويستأذنه أن يدخله المدينة ، ويقول : إنّ عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس ، إنّه حداد ، نقاش ، نجار ، فكتب إليه عمر ، فأذن له أن يرسل به إلى المدينة ، وضرب عليه المغيرة مائة درهم في كل شهر ، قال : فجاء إلى عمر يشتكي إليه شدة الخراج ، فقال [(٤) له عمر : ما ذا تحسن من العمل؟ فذكر له الأعمال التي يحسنها] ، فقال (٥) له عمر : ما خراجك بكثير في كنه ما تعمل ، فانصرف ساخطا يتذمر ، فلبث عمر ليالي ، ثم إن العبد مرّ به فدعاه ، فقال : ألم أحدّث أنك تقول : لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت العبد ساخطا إلى عمر عابسا ـ ومع عمر رهط ـ فقال : لأصنعن لك رحى تتحدث الناس بها ، فلما ولّى العبد أقبل عمر على الرهط الذين معه ، فقال لهم : أوعدني العبد آنفا ، فلبث ليالي ، ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه ، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في غلس السحر ، فلم يزل هنالك حتى خرج عمر يوقظ الناس للصلاة ، صلاة الفجر ، وكان عمر يفعل ذلك ، فلمّا دنا منه عمر وثب عليه فطعنه (٦) طعنات إحداهن تحت السرّة قد خرقت الصّفاق (٧) ، وهي التي قتلته ، ثم أغار أيضا على أهل
__________________
(١) المطلع : الموقف يوم القيامة (النهاية).
(٢) من طريقه رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٣٤٥.
(٣) رجل صنع بالتحريك ، وبكسر الصاد : الصانع الحاذق. (اللسان).
(٤) ما بين الرقمين ليس في م.
(٥) بالأصل : يحسنه ، والمثبت عن «ز» ، وفي المطبوعة : يحسن.
(٦) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي ابن سعد : فطعنه ثلاث طعنات.
(٧) الصفاق : الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر ، أو ما بين الجلد والمصران ، أو جلد البطن كله (القاموس المحيط : صفق).