كان عندنا بالبصرة رجل يتشيّع ، وكان من الغلاة ، وكان يكتمنا. قال : فبكر ذات يوم فقال : يا أصحاب الحديث ، الحقّ معكم ، قلنا : كيف؟ قال : رأيت الليلة في المنام أبا بكر الصّدّيق فرأيت شيخا بهيا حسن اللحية ، فقلت : يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم اجعلني في حلّ ، قال : من أي شيء؟ قلت : كنت أشتمك وألعنك ، فقال لي : لا تعد ، قلت : أنا تائب ، فقال : أنت في حلّ ، ثم وقفت ، فإذا عمر قد جاء كأنه أسد ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، قال : لبيك ، قلت : اجعلني في حلّ ، قال : من أيش؟ قلت : كنت أشتمك وألعنك ، فقال : لا حتى أذعتك ذعتة تسلح منها ، فأصبحت وقد خرئت ، فقال الأصمعي : بالخراءة ثبت.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحسين بن (١) محمّد الغضائري ، نا إسماعيل بن محمّد الصفار ، نا محمّد بن عبد الملك الدقيقي ، نا إبراهيم بن المنذر ، نا معن بن عيسى قال : سمعت مالك بن أنس يقول :
من سبّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فليس له في الفيء حقّ ، يقول الله ـ عزوجل : ـ (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً)(٢) الآية ، هؤلاء أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذين هاجروا معه ، ثم قال : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ)(٣) الآية ، هؤلاء الأنصار ، ثم قال : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ)(٤) ، قال مالك : فاستثنى الله عزوجل فقال : (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) الآية (٥) ، الفيء لهؤلاء الثلاثة ، فمن سبّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فليس هو من هؤلاء الثلاثة ، ولا حقّ له في الفيء.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري.
قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا ابن بكير ، حدّثني الليث بن سعد قال :
استخلف أمير المؤمنين عمر في رجب لسنة ثلاث عشرة ، ثم كان فتح دمشق ، ثم
__________________
(١) في م و «ز» : الحسين بن الحسن بن محمد الغضائري.
(٢) سورة الحشر ، الآية : ٨.
(٣) سورة الحشر ، الآية : ٩.
(٤) سورة الحشر ، الآية : ١٠.
(٥) سورة الحشر ، الآية : ١٠.