بينما عمر بن الخطّاب يمشي ذات يوم في بعض أزقة المدينة إذا صبية بين يديه تقوم مرة وتقع (١) أخرى ، فقال : يا بؤسها من لهذه ، فقال ابن عمر : هذه إحدى بناتك يا أمير المؤمنين قال : فما لها ، قال : منعتها ما عندك قال : أفعجزت إذ منعتها ما عندي أن تكسب عليها كما يكسب الأقوام على بناتهم؟ والله ما لك عندي إلّا ما لرجل من المسلمين ، وبيني وبينك كتاب الله ، قال الحسن : فخصمه والله.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٢) ، أنا عارم بن الفضل ، نا حمّاد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن.
أن عمر بن الخطاب رأى جارية تطيش هزالا ، فقال عمر : من هذه الجارية؟ فقال عبد الله : هذه إحدى بناتك ، قال : وأي بناتي هذه؟ قال : ابنتي ، قال : ما بلغ بها ما أرى؟ قال : عملك ، لا ينفق عليها ، فقال : إنّي والله ما أعول (٣) من ولدك ، فاسع (٤) على ولدك ، أيها الرجل.
قال : وأنا ابن سعد (٥) : أنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر قال :
أرسل إليّ عمر يرفأ فأتيته وهو في مصلّاه عند الفجر أو عند الظهر ، قال : فقال : والله ما كنت لأرى هذا المال يحلّ لي من قبل أن أليه إلّا بحقه ، وما كان قطّ أحرم عليّ منه إذ وليته ، فعاد أمانتي (٦) وقد أنفقت عليك شهرا من مال الله ، ولست بزائدك ، ولكنّي معينك بثمن (٧) مالي بالغابة (٨) فأجدده فبعه ، ثم ائت رجلا من قومك من تجّارهم فقم إلى جنبه ، فإذا اشترى شيئا فاستشركه فاستنفق ، وأنفق على أهلك.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو المعالي بن السّرّاج ، قالا : أنا أبو الحسن
__________________
(١) عند ابن المبارك : وتقعد أخرى.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٢٧٧.
(٣) في ابن سعد : فأغرك.
(٤) في ابن سعد : فأوسع.
(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٢٧٧.
(٦) بالأصل : «أمامي» وفي م : «أماني» والمثبت عن «ز» ، وابن سعد.
(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي ابن سعد : بثمر.
(٨) الغابة : موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة. وقيل هو على بريد من المدينة (معجم البلدان).