الناس ، لقد رأيتني أرعى على خالات لي من بني مخزوم فيقبضن (١) لي (٢) القبضة من التمر أو الزبيب ، فأظل يومي ، وأي يوم ، ثم نزل. فقال له عبد الرّحمن بن عوف : يا أمير المؤمنين ما زدت (٣) على أن قميت (٤) نفسك ـ يعني عبت ـ فقال : ويحك يا ابن عوف ، إنّي خلوت ، فحدثتني نفسي قالت : أنت أمير المؤمنين فمن ذا أفضل منك؟ فأردت أن أعرّفها نفسها.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٥) ، أنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقي المكي ، نا أبو عمير الحارث بن عمير ، عن رجل.
أن عمر بن الخطّاب رقي المنبر وجمع الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس لقد رأيتني وما لي من أكال يأكله الناس إلّا أن لي خالات من بني مخزوم فكنت أستعذب لهن الماء فيقبضن لي القبضات من الزبيب قال : ثم نزل عن المنبر ، فقيل له : ما أردت إلى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : إنّي وجدت في نفسي شيئا ، فأردت أن أطأطئ منها.
أخبرنا أبو العلاء زيد ، وأبو المحاسن مسعود ابنا علي بن منصور بن الرّاوندي ـ بالري ـ قالا : أنا أبو منصور محمّد بن الحسين بن أحمد المقوّمي ، أنا أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد ، نا علي بن أحمد بن محمّد بن قرقور ، نا محمّد بن علي بن زيد الصائغ ، نا سعيد بن منصور ، نا أحمد بن عبد الله ، عن محمّد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرّحمن بن حاطب عن أبيه قال :
كنت مع عمر بن الخطّاب بضجنان (٦) فقال ؛ كنت أرعى للخطاب بهذا المكان فكان فظا غليظا ، فكنت أرعى أحيانا ، وأحتطب أحيانا ، فأصبحت أضرب الناس ليس فوقي أحد إلّا الله رب العالمين ، ثم قال :
لا شيء مما ترى تبقى (٧) بشاشته |
|
يبقى الإله ويؤدي المال والولد |
__________________
(١) بالأصل : فيقبض ، والمثبت عن م ، و «ز».
(٢) «لي» كتبت بين السطرين في «ز».
(٣) كذا الكلام متصل بالأصل وم ، وجاء في «ز» بعدها بياض مقدار كلمتين.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» والمختصر ، «قميت» غير مهموز.
(٥) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٢٩٣.
(٦) بالأصل وم و «ز» : «بضميان» والتصويب عن المختصر ، وضجنان : بالتحريك ونونين : قيل : جبل بتهامة ، وقيل : جبيل على بريد من مكة (راجع معجم البلدان).
(٧) الأصل : إلّا ، والمثبت عن م و «ز».