خرج عمر بن الخطّاب ليلة يحرس ، فرأى مصباحا في بيت ، فدنا منه ، فإذا عجوز تطرق شعيرا (١) لها لتغربله بقدح وهي تقول :
على محمّد صلاة الأبرار |
|
صلى عليه (٢) المصطفون الأخيار |
قد كنت قوّاما بكّاء (٣) بالأسحار |
|
يا ليت شعري والمنايا أطوار |
هل تجمعني وحبيبي الدار |
تعني النبي صلىاللهعليهوسلم ، فجلس عمر يبكي ، فما زال يبكي حتى قرع (٤) الباب (٥) عليها ، فقالت : من هذا؟ قال : عمر بن الخطّاب ، قالت : وما لي ولعمر ، ما يأتي عمر (٦) هذه الساعة؟ قال : افتحي رحمك الله ، فلا بأس عليك ، ففتحت له ، فدخل فقال : ردّي علي الكلمات التي قلت آنفا ، فردّته عليه ، فلمّا بلغت آخره قال : أسألك أن تدخليني (٧) معكما؟ قالت :
وعمر فاغفر له يا غفّار
فرضي منها ورجع.
قال : وأنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا ابن المبارك (٨) ، أنا شعبة ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال :
رأيت عمر بن الخطّاب أخذ نبتة من الأرض فقال : يا ليتني هذه النبتة ، ليتني لم أك شيئا ، ليت أمّي لم تلدني ، ليتني كنت نسيا منسيا.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو الطيب عثمان بن عمرو بن المنتاب ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن
__________________
(١) في كتاب الزهد والرقائق : تطرق شعرا لها لتغزله أي تنفشه بقدح لها.
(٢) عند ابن المبارك : عليك.
(٣) عند ابن المبارك : بكى.
(٤) بالأصل : فرع ، والمثبت عن م ، و «ز» ، والزهد.
(٥) رسمها بالأصل : «السات» والتصويب عن م ، و «ز» ، والزهد.
(٦) في الزهد : بعمر.
(٧) بالأصل وم والزهد : «تدخلني» والمثبت عن «ز».
(٨) رواه عبد الله بن المبارك في الزهد والرقائق في باب تعظيم ذكر الله ص ٧٩ رقم ٢٣٤.