وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر أحمد الحسن ، وأبو صادق (١) محمّد بن أبي الفوارس ، قالوا : أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، نا إبراهيم بن سليمان ، نا عبد الله بن صالح ، نا يحيى بن أيوب ، عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسيّب قال :
لما ولي (٢) عمر بن الخطّاب خطب الناس على منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس ، إنّي قد علمت أنكم كنتم تصفون مني شدّة وغلظة ـ وقال عبد الغفّار : وغلظا ـ وذلك أنّي كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكنت عبده وخادمه ، وكان كما قال جلّ ثناؤه : بالمؤمنين رءوفا رحيما ، وكنت بين يديه كالسيف المسلول إلّا أن يغمدني أو ينهاني عن أمر فأكفّ ، وإلّا أقمت على الناس لمكان لينه ، فلم أزل مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ذلك حتى توفّاه الله وهو عني راض ، فالحمد لله على ذلك كثيرا ، وأنا أسعد ، ثم قد قمت ذلك المقام مع أبي بكر خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعده ، وكان من قد علمتم في كرمه ودعيه ـ وقال عبد الغفّار : ورعيه (٣) ولينه ـ فكنت خادمه ، كالسيف المسلول على الناس بين يديه ، أخلط شدّتي بلينه ، إلى أن يتقدم إليّ فأكفّ وإلّا خدمت (٤) ـ وقال عبد الغفّار : قدمت ـ فلم أزل على ذلك حتى توفّاه الله وهو عني راض ، والحمد لله على ذلك كثيرا ، وأنا به أسعد ، ثم صار أمركم [إلي اليوم](٥) وأنا أعلم أن سيقول قائل : كان يشتدّ علينا والأمر إلى غيره ، فكيف به إذ صار إليه ، واعلموا أنكم قد عرفتموني وجرّبتموني ، وقد عرفت بحمد الله من سنّة نبيّكم صلىاللهعليهوسلم ما عرفت ، وما أصبحت نادما على شيء أكون كنت أحب أن أسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلّا وقد [سألته](٦) واعلموا أنّ شدّتي التي كنتم ترون مني قد زادت أضعافا إذ كان الأمر إليّ (٧) على الظالم والمعتدي لآخذ للمسلمين ، لضعيفهم من قويهم ، وإنّي بعد شدتي تلك واضع خدي بالأرض لأهل الكفاف ، والكفّ منكم والتسليم ، وإنّي لا أبالي دار بيني وبين أحد منكم شيء في أحسابكم أن أمشي معه إلى من أحببتم منكم ، فينظر فيما بيني وبينه ، فاتّقوا الله عباد الله ، وأعينوني على أنفسكم بكفّها عني ، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي
__________________
(١) «صادق» مكانها بياض في «ز».
(٢) «ولى» كتبت فوق الكلام في «ز».
(٣) بالأصل : «ورغبه» والمثبت عن م و «ز».
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي المطبوعة : خذمت.
(٥) الزيادة عن م و «ز».
(٦) الزيادة عن م و «ز».
(٧) بالأصل : «الأموال» تصحيف ، والمثبت عن م و «ز».